قالوا عن شربل بعيني


كلمات محبّة

يا شربل الحبيب..
ما هذا الشريط الخرافيّ الذي بعثت به إليّ؟.. لقد دوّختني.
فعمّك الدكتور عصمت الأيّوبي يمطر من الشرق، وأنت تبرق.. وترعد.. من الغرب.. وأنا تحت أمطار حبّكما بلا مظلّة..
هل يمكن أن يأتي الربيع كلّه من أستراليا.. بلا موعد سابق؟
هل يمكن أن أنام ليلة كاملة على وسادة من الياسمين.. وأصحو على صوت العصافير.. وأغتسل بماء العشق؟..
إنني أعرف أبعاد حبّك النزاري، ونوبات جنونك الجميل، ولكنني لـم أكن أتصوّر أن عمّك دخل في الحزب.. أيضاً.. وصار يضارب عليك في الإيديولوجيا النزارية..
إن حديثه فاجأني برقّته، وحضارته، وثقافته، وجذوره الشعريّة، ومنطقه المتماسك.
أمّا أنت.. فقد كنت كديك القرية تمارس فحولتك على آخرها.. وتفقأ عين الدجاج الناقد.. وتنتف ريشه.. حتى سقط مضرّجاً بدم أحقاده..
الواقع إن القصّة كلّها سخيفة، وجاهلة، ومتخلّفة ثقافياً.. ولكن ماذا تفعل إذا كانت (ثقافة زيت الكاز) تحاول أن تشتري كلّ شيء.. بما في ذلك كبرياء أبي الطيّب المتنبي..
ولكن أبا الطيّب المتنبي.. لا يمكن أن يباع في السوبر ماركت.. ولا يمكن لكلماته أن تتحوّل إلى جوارٍ في سرير أمير المؤمنين..
فشكراً للدكتور عصمت على شهادته الثـمينة، وشكراً لك أيّها الديك الرائع الذي ملأ الدنيا، وخوّف قارة بأكملها بشجاعته وفتكه ومروءته.
نزار قبّاني
مجلة ليلى ـ العدد 33 ـ تموز 1998
**
دهشة الحرف الواقف بين يديك أنموذجاً حيّاً مشرشراً كزغاليل إضمامة من نور بهيج، يتسلّق شعفات من جبال العاطفة الرقيقة في يراعتك الذكيّة، مسافراً عبر الدروب الجبليّة، رابضاً كلبوة جميلة ترمق الوهاد والشعاب، تراقب الطرق خوفاً على أجرّائها.
كنت ذكيّاً في أحباب، ديوانك المولود جديداً. مباركة هي حروفك، ومبجّلة هي عباراتك الشعريّة ذات الجرس الرقيق.
شربل.. تأخّرت عنّي، تأخّرت في إطلالتك، تأخّرت في إرسال قوافل حروفك. تأخّرت حتّى في غيابك عنّي، وعندما ينقطع عنّي صوتك فكأن القارة الأستراليّة كلّها قد انفصمت عن هذا الكون.
أصبت بدهشة صارخة، وأنا أتصفّح ديوانك. اعتقدت جازماً أنني أنا الذي خطّطت هذه التخطيطات في ديوانك، وأخيراً وجدت إنها لجورج حدّاد. آمنت الآن بالتقمّص الذي تنبجس ينابيعه من أصابع الفنّان، جورج حدّاد هو حتماً شقيق روحي، ربيب نفسي، وإلاّ من يستطيع أن يميّز تخطيطاتي من عروق خطوطه.
الأب الدكتور يوسف السعيد
السويد، 29 حزيران 1990
**
أخي الشاعر المبدع الكبير.. والإنسان الإنسان الأستاذ شربل بعيني المحترم.
ألف تحيّة، وكل عام وأنت بخير..
والأذن تعشق قبل العين أحياناً.. وقد تذوب العين والأذن والقلب محبّة عند اللقاء. وتنساب أنهار المحبّة بعد اللقاء، وتنفتح بساتين في القلب، وتنعقد ألف أغنية وأغنية في الأذن، وتخضرّ ألف سماء وسماء في العين.
لقد امتدت جسور بيني وبينك من الأهداف والمبادىء الإنسانيّة قبل اللقاء الأخير، وها هي جسور مجنّحة من المشاعر والعواطف تمتد جديدة دافئة متينة في أعماق القلبين، وأغوار النفسين..
مَن كنت أيّها الرجل؟
ومَن أنت اليوم؟
أيّها التضحيّة التي لا تنتهي، والمحبّة التي لا تذبل.
مَن أنت عندي بالأمس؟
ومَن أنت اليوم وغداً؟
يا مَن أينعت السنابل في قلبه محبّة، وضميراً حيّاً، وخلقاً كالربيع الدائـم.
هل أقول إنك واحد ممن كنت أبحث عنهم في شعري، وأفتّش عنهم في زوايا الخيبة، وجفاف الأرض؟..
مثلك أيها الإنسان عملة نادرة، فأنت مبدع سلوكاً، ومبدع شعراً، ومبدع عملاً، وعلاقات مع الآخرين. لقد رأيت، وسمعت، وقرأت، فما أخطأت فيك عين، ولا خابت أذن، ولا كذبت قراءة.
وما كنت أحسب أن للقصائد قدمين تمشي بهما، وعينين ترى بهما، وأذنين تسمع بهما، حتى لقيتك..
أتمنى لو تتحوّل القصائد إلى سلوك، ودواوين الشعر إلى قيم وأخلاق، حينئذ سيبحث الشعراء عن موضوع آخر للشعر، وأرض أخرى للإبداع. أو يستحيلون إلى أرواح ملائكيّة، تبث السعادة في نفوس البشر، وتزرع النور في كل طريق.
لـم أعد أحملك في نفسي أفكاراً مجردة، وكلاماً أو شعراً هلاميّاً بارداً، لقد أصبحت أغنية أصغي إليها كل يوم، وجريدة يوميّة أقرؤها كل صباح، وفنجان قهوة أكسر به بقايا نعاس، وأنفض به بعض رماد عالق في الوجه، والمتطاير من منافض الرداءة الفكريّة، ورديئي الشعر والشعراء، نجّاك اللـه من رماد الشعر، وغبار الشعراء!!
محمد الشرفي
اليمن ـ 1/1/1991
**
المودة بين الأخيار والأصفياء متينة عراها. الوفاء بعض من سماتها. وليس سهلاً أن يمتلك الشاعر أسرار النفس البشريّة، ويصل بها إلى إدراك مفاتيحها. فكيف إذا كان لا يجد سوى الحبّ نبراساً في هذه النفس. والشاعر شربل امتلك القدرة على النظرة الشموليّة في هذا الكون، وامتلك مفاتيح النفس البشريّة، فلا كون دون حب، ولا شعر دون أحباب، ولغة الحب والأحباب لا تفرّقها لغة السياسة، وكأن السياسة تحرّم الصدق، وتمنع الحبّ، وتصنع للنفس مفاتيح مزيّفة.
محمد زهير الباشا
البيرق، العدد 247، 1990
**
استمعت إلى شريط الفيديو، وبخاصة إلى قصيدتك الرائعة، بعد أن كنت قد قرأتها مرّات عديدة، ولقد ازداد إعجابي بعد أن استطعت من خلال إلقائك الخلاّب المثير المؤثر العميق الوصول إلى الضفاف الشعريّة الإنسانيّة التي تكتنز بها القصيدة، والتي تنطوي على ألـم ثوري عاصف.
إنّك شاعر حقيقي، وصوتك جزء لا يتجزّأ من شاعريتك الفذّة. أكرّر شكري وتقديري ومحبّتي.
عبد الوهّاب البيّاتي
7/10/1988
**
أما قصيدة الشاعر اللبناني شربل بعيني المكتوبة باللغة المحكيّة، ففيها استقراء لأعمال البيّاتي الشعريّة والنفاذ من خلالها إلى وحدة الشاعر وغربته بين عبيد المال والباحثين عن الذهب في دكاكين السياسة والأدب، كما تتحدّث القصيدة عن أخوّة الشعراء الحقيقيين، وأن مجد الشاعر الحقيقي، هي مملكة الشعر المتحصّنة ضد الموت والتعاسة والترهات التي تمزّق القلب.
القبس الكويتيّة ـ 13/9/1988
**
حلاوات المربد في بغداد أنه يجمعنا بالعديد من شعراء الأرض، من كل الملل وكل اللغات. وحلاوة المربد هذا العام كانت تعرّفي بشربل بعيني، وهو شاعر لبناني يعيش في أستراليا من نحو ربع قرن.
شربل سريع الإندماج بالناس، ولعلّه أكثر الشعراء المربديين الذين كسبوا حبّ أكبر عدد ممكن من الوافدين على عاصمة الرشيد.. وذلك لأنه جذاب خلوق ذو ثقة فائضة في النفس، حتّى ليؤمن "بطريقة" خطّها لنفسه في التعامل مع الشعر، على أنها "دستور"، ويريدك أن تحذو حذوه في اقتفائها بلا مماحكة ولا جدال.
يؤمن مثلاً في "التعبير" كيفما جاء، ممزوجاً بالفصحى أم بالعاميّة، في أبيات على بحور عدّة كما القصيدة الواحدة. شرط أن يؤدي المعنى الذي يريد. وهو يأنف أن ينقّح شعره، فإنه يرسله بعفويّة وبساطة وحرارة ودفق، ولكنّك تحبّه لطيبته المتماديّة وإنسانيته ووطنيّته وتغتفر له خطاياه.
والنتيجة أن شربل بعيني شاعر متوثّب، يقول كلمته ويمشي سواء فهمت حبيبته أم لـم تفهم، وسواء أعجب أهل الفكر بقلمه أم لـم يعجبوا، فهو يريد أن يقول حقيقته، ويفهمك روحه ورسالته متجاوزاً بعض تعابير أو أفكار ربّما يتعّمدها، أو لا جلد له على تنقيتها. لا يهمه وزن وصياغة بقدر ما يهمّه بث فكره ومشاعره، فالأسلوب عنده ثانوي نسبة للفكرة والرسالة. وهو يؤمن أن أسلوبه سيتحوّل في الغد مدرسة. ورغم كل بشاعات الحرب والغربة الطويلة التي يقاسيها، فهو دائم التوثّب للغد، كثير الإيمان بنفسه وربّه ووطنه.
الدكتور عصام حدّاد
العمل البيروتيّة ـ 26/4/1988
**
الأخ العزيز شربل بعيني
لـم يضف المجلس القاري للجامعة الثقافيّة في العالـم أكثـر من أنّه اعترف بواقع واقعيّ، معترف به من جميع من يعرفون فضلك وإبداعك وشموخك.
متمنيّاً لك دوام العطاء.. تقبّل تحيّتي ومحبّتي لك وللعزيزة ليلى.. وإلى اللقاء.
الدكتور رفعت السعيد
القاهرة ـ 29/11/2000
**
ولـم يكن الشاعر الرقيق شربل بعيني، إبن لبنان البار، المهاجر إلى أستراليا، إلاّ واحداً من تلك البلابل المغرّدة التي خطّت بأجنحتها الأرجوانيّة على أغصان شجرة العروبة الشامخة في المغارس الأجنبيّة، يزفرون، ويتألمون، وترى أوراق هذه الشجرة تتساقط الواحدة تلو الأخرى، على أرض ممزقّة تئنّ من جروحها، وتندب أبناءها المتخاصمين المتباعدين. وصوت الشاعر هو صوت الأمّة وضميرها. هو نفحة علاء، وثورة شرايين، وصرخة حقّ. هو لهيب النزوح المستعر، وصدى التوجّع والغربة. هو انتفاضة الأصالة العربية لبعث التراث من جديد.
وأطلّ الشاعر على أرض الوطن، يحمل ريشة فنان، ويراعة إبداع، وكلمة حقّ، فرسم لوحة الأرض الممزقّة، وحمل إليها شوقه وحنينه، وأسند رأسه إلى حضنها، وخاطب الذين شوّهوا الصورة، وتحالفوا مع الشيطان، بأن مصيرهم إلى القبر، ومن القبر إلى البحر.
هل يفقهون سر الألـم الكامن في هذه القصيدة الرائعة التي تنضح سمّاً مذيباً: "دعوة إلى الجنون"؟. هل يعرفون كيف يعودون إلى رشدهم؟.. فصرخة الشاعر هي صوت الأمة، ودمعة الشاعر هي دمعة الأمّة، وإيمانه هو إيمان كل ذي إيمان. إن الفجر يشرق من خاصرة الليل، والأمل يطلّ من أنات الجريح.. وإلى شربل بعيني، تحيّة الفجر والأمل، وبسمة الأرض والوطن.
نعمان حرب
الثقافة السوريّة
**
لـم أكن أصدّق عيني وأنا أتحدّث إلى واحد من أحفاد أساتذتي شعراء المهجر الكبار، حتى أتيح لي اللقاء بالشاعر الصديق شربل بعيني، فرأيت في وجهه البشوش طيبة أهل لبنان. وما أن قرأت قصيدته المربديّة، حتى أحسست فيها بصدق الشاعر، وأصالة التجربة.
لـم أكن أصدّق نفسي أن تتكرّر الغربة مرّة أخرى. ألـم يكفنا نحن أهل الشرق ذلك الإغتراب الطويل المرير؟ لقد اغترب جبران، وأبو ماضي، ولكن أن يغترب جيلنا فذلك أمر عصيب، لن ينقذنا منه إلاّ الشعر، الشعر الحقيقي الصادق، مثل ذلك الذي وجدته في قصيدة الصديق شربل بعيني. تمنيّاتي لك ياشربل: المزيد من الإزدهار في حياتك الإبداعيّة.
الدكتور تاج السر الحسن
السودان، 1987
**
نقولها هكذا، بدون تكليف ولا ألقاب.. لأنك حقاً صديق لتجمّع المسنين العرب ككل، وصديق لرئيس هذا التجمّع ومدير إعلامه، وقد كنت دائماً من السبّاقين في تشجيع التجمّع في كل عمل نافع يقوم به، وأنك لا تترك مناسبة إلا وتتحدّث وتثني على هذا التجمّع وإدارته. وإنها لشهادة بألف. ولكن هناك أمراً نريد أن يعلم الجميع بفضلك فيه، ألا وهو مكتبة المسنين العرب، التي كنت أنت سبب وجودها ومزوّدها بالكتب الأدبيّة والشعرية والثقافيّة القيّمة. فلـم تبخل عليها بأي من كتبك، ولـم تدخر وسعاً بتذكير أصدقائك الكتّاب والشعراء اللبنانيين والعرب في أن يهدوا هذه المكتبة من نتاجهم الأدبي والفكري والثقافي، حتى امتلأت رفوفها، وأصبح المسنون العرب يغرفون من معين ثقافتها الكثير، وأصبح الضجر، عدوّهم الأول، يتوارى بين صفحات كل كتاب يقرأونه.
إن التجمع أيها الشاعر المجدّد، الذي لا ينضب له معين، يتقدّم منك بالشكر الجزيل، ويعترف لك بالجميل..
تجمّع المسنين العرب
صدى لبنان ـ العدد ـ 685ـ 1989
**
"ألو أستراليا.. هون شربل بعيني!"..
مسرح يصوّر مسيرة الهجرة اللبنانية إلى أستراليا، وأطفال صغار يروون معاناة الكبار مالئين القلب أملاً.
وقد نجح شربل بعيني في اختيار موضوع مسرحيّته الذي جاء منسجماً والاحتفالات الاسترالية بمناسبة مرور 200 عام على الاستيطان الابيض في هذه البلاد، فكأني به أراد بها تسجيل إسهام بني قومه في بناء صرح أستراليا الحديثة.
جوزيف بو ملحم
صدى لبنان ـ العدد 603 ـ 5/7/1988
**
يا شربل.. كلّنا بلطفك سكارى
قبل ما نسكر بخمر الزّياره
بسيدني، كل شخص بيزور دارك
كأنّو زار من لبنان حاره
الدني بتمحل وما بتمحل فكارك
الوحي من إيدك بيمطر إشاره
بيادر شعرنا غمرت غمارك
مواسم حبّ من قلبك عصاره
عطيت كتير.. والموسم تبارك
يا سبحان الـ بيعطي بهالغزاره
مدري في قمر سهران جارك
مدري جبينك مشعشع مناره
سفير بلادنا ما كان زارك
لو ما للشعر بيتك سفاره
جورج منصور ـ 1990
**
لا شك أن الشاعر شربل بعيني، ولا سيّما بعد اشتراكه في المربد الشعري في العراق، قد أصبح معروفاً على نطاق العالـم العربي كلّه. ثـم ما أعرفه من مراسلات مع أدباء في الوطن العربي، هناك دراسات عديدة تعد عن شعر الشاعر شربل بعيني، وهذا مما يدعو إلى الفخر حقاُ، ففي هذا المغترب كفاءات أدبيّة نعتزّ بها ونفتخر. كامل المر ـ سيدني
**
هناك كثيرون من مثيري الغبار المتقوّلين الحاسدين الموتورين، لا همّ لهم إلاّ إثارة الشكوك وإطلاق الإشاعات الكاذبة. إن ما حدا بالأديب محمد زهير الباشا لوضع دراسته هذه، هو اهتمامه بالأدب المهجري، وقد يكون اطّلع على دواوين البعيني، بطريقة أو بأخرى، أو عن طريق مجلّة الثقافة السوريّة، فرأى ما جذب انتباهه، وأثار مشاعره، وحرّك عاطفته فكتب وأجاد.
فؤاد نمّور ـ سيدني
**
كلّنا يقرّ بما كان للأدب المهجري من أثر في أدبنا العربي. وها أنا أراه يتجدَّد اليوم في أستراليا، إذ شدّني إليه شاب، حقّاً إنه مدهش، عرفته في المربد ـ بغداد، هو الشاعر شربل بعيني من مجدليّا.
شربل مسرف في وطنيّته إلى حد الهوس، معطاء يكتب في مجلاّت عدّة ويدرّس الأدب العربي، ويجسّد في حركاته وسكناته طفولة الشاعر العبقري.
الدكتور عصام حدّاد
الأنوار البيروتيّة ـ 16/7/1990
**
عرفت شربل بعيني صدفة في "المربد" مهرجان الشعر في العراق، يباهي بانتمائه إلى شعراء المهاجر، وبأن الإنتشار يحمل مشعل الرسالة الوطنيّة على أوفى ما تكون الأمانة، ويكون الإيمان بالوطنيّة والمجد والخلود، فأكبرت فيه هذا الهوس الفريد في حبّ لبنان، يجنّد له كل قوى الفكر والعطاء في أستراليا مع كوكبة مختارة من أهل القلم الذين رفعوا علمهم فوق كل علم.
كم أصابتني قصيدته المربديّة عندما تحدّث عن غربته وقهره واحتراقه، لكن هذه الغربة، وهذا القهر، وهذا الإحتراق، كوّنت منه شاعراً يحس آلام الآخرين. ولا عجب، فقد عمل ويعمل في سبيل أمتّه، ومتى كان المهاجر غير قلب لبنان النابض وشطره الأحبّ؟
الدكتور عصام حدّاد
صوت المغترب ـ العدد 974 ـ 18/12/1988
**
حدّث ولا حرج عن الرجل المعجزة شربل بعيني الذي له في كل عرس قرص، يكتب ويؤلف ويلحن ويتبرع ويشرف ويحفّز هذا، ويساعد ذاك، ولا يسأل ردوداً وعرفان جميل، بل يبذر جميله ويمشي، ولو كان بين من يحتضنهم أكثر من "بروتوس" ويوضاس. يكتب الشعر العامي والفصيح والكتب المدرسية، ويكتب الأغاني، ولديّ الكثير من تأليفه.
نرى شربل بعيني يوصي أول آتٍ إلى لبنان أن يحمل معه كمشة تراب من أرض "مجدليّا"، ليضعها أمام عينيه في خزانته ليظل يراها صبح مساء.
الدكتور عصام حدّاد
الأنوار البيروتيّة ـ 24/12/1991
**
ملاّح يبحث عن اللـه: قد يكون؟!.. إلاّ أن شربل بعيني ليس بحاجة للبحث طويلاً بعد صدور كتابه الجديد "أحباب". إنه سبحانه تعالى يتجلّى في كلّ سطر خطّه عقل الشاعر وقلبه، فجعلنا نقدّس الكلمة ونعبدها، وقد لا أغالي إذا قلت: ونصلي لها السلام عليك.
كنت قد تعرّفت على شعر شربل لأول مرّة عن طريق قصيدة نشرت له في مجلّة "الدبّور" في بيروت، منذ عشرين عاماً. ثـم شاءت الظروف أن أبتعد عن مطالعة الشعر الحر والأدب، وعافت نفسي سيرة الشعراء والأدباء، فقد كفرت بالكلمة الجميلة المعبّرة، وعبدت أصنام العلم والعلماء ورجال الفضاء والهندسة والفيزياء. وقد غاب عن ذهني تماماً كل ما له صلة بالشاعر بعيني، حتى فوجئت بوجود "أحباب". أولاً لأن الإهداء يقول: ديواني الجديد. فلا بد أن يكون جديد الشاعر أكثر نضجاً من عتيقه.
وليد قصيفي
الدبّور المهجريّة ـ العدد 12 ـ 9/6/1990
**
الشاعر شربل بعيني ما زال يعطي ويضج بالشعر، وما زال على عناده يقتحم الأغوار ويفجّرها قصائد على شاكلة الجنائن المعلقات. شربل بعيني غزير الإنتاج، كثيف الحضور، كثير الحركة، وهو يرود حيناً اللغة اللبنانية العاميّة، وحيناً آخر اللغة الفصحى، ثائراً على الأصنام الطائفيّة والسياسيّة، شاهراً سيف العدالة بوجه الطغاة والمستبدين بلا خوف وبلا يأس.
ميشال حديّد
صدى لبنان ـ العدد 445 ـ 30/4/1986
**
.. ولا أذيع سرّاً إذا قلت إن شربل بعيني انتهج نهجاً رحبانيّاً صرفاً في عرض مسرحيّته، وما الرجوع إلى مسرحيّات الأخوين رحباني سوى دليل على ذلك. فهي تحتوي كما "فصول من الحرب اللبنانية" على أغانٍ ودبكات واسكتشات فكاهيّة مضحكة، ولكنها موجهة معبرة تزخر بالمعاناة، وبالنقد البنّاء، بالإضافة إلى مشاهد وطنيّة عديدة.
كامل المر
صدى لبنان ـ العدد 555 ـ 21/7/1987
**
إنني أنحني احتراماً لهؤلاء الملائكة الصغار الذين استفدت من تجربة مشاهدتهم، ولأن الإهتمام بالمسرح شبه متلاشٍ، أو لنقل انه معدوم. ولأن المسرح المدرسي بالذات غير موجود، والتمسّك باللغة العربيّة أصبح عيباً عند البعض. ولأن الفنانين الكبار شغلوا أنفسهم بالقضايا والمنازعات الوهميّة، خرج من رجل شهر سيفه، واخترق الصفوف، وحمل لواء الفن المسرحي ولغة العلم، ذلك هو شربل بعيني.
نجوى عاصي
البيرق ـ العدد 221 ـ 6/7/1990
**
ثلاث لوحات تختصر ثلاث حالات في وطن واحد:
ـ وطن ما قبل الحرب.
ـ وطن الحرب.
ـ وطن الخروج من الحرب.
ولعل أهم ما يسترعي الإنتباه في هذا العمل، هو قدرة شربل بعيني على تنظيم جيش من 340 تلميذة وتلميذاً لتجسيد احداث المسرحية ورسائلها على خشبة المسرح بشكل مباشر وحي.
ميشال حديّد
مجلّة داليا ـ 1987
**
مع "ضيعة الاشباح" حملنا شربل بعيني إلى أيام جدي وستّي، أيام السلطنة العثمانية، لينقل إلينا صوراً من ماضٍ مظلـم بإسقاطات على واقع حالي. نجح شربل كتابة وإخراجاً في إيصال ما يدور في خلده من ومضات فكرية، وانتقادات لواقع معاش، بطريقة شعرية أحياناً، وبالكلمة المبسّطة أحياناً أخرى.
ممدوح سكريّة
التلغراف ـ العدد 2099 ـ 3/8/1990
**
عزيزي شربل بعيني..
في الندوة الأخيرة التي سمعتك فيها تخاطب ربّك، شعرت بأنك أكثر من شاعر. أنت فيلسوف.. عبّرت أنشودتك الفلسفيّة عن قدرتك على فصل الانسان الظالـم عن الخالق "المظلوم". وعن أن فن التعبير ونقاء الرؤيا في أبياتك قد تمرّدا على زيف الكلمة، وعفونة الأسلوب، وبهذا استطعت أن تترجم أفكارنا، وتعبّر عن مكنون كل نفس ثائرة تعترضها سلاسل المجتمع.
نجاة فخري مرسي ـ مالبورن
**
لقد استلمنا هديتك الحلوة، كتابك "من خزانة شربل بعيني". طالعناه، وما أوقفنا ملياً هو المخيّلة الجامحة التي تقودك إلى وضع صور وتصاوير يلذ بها القارىء، ويروح معك في عالـم تخلقه لنفسك، عالـم تريده أكثر عدالة ومحبّة بين بني البشر. وكم نجد في هذه الصور من الحزن والأسى أمام عالـم داس المظلوم، ولـم يأبه للفقير، بينما الغني ينعم بماله وإن لـم ينعم بأخلاقه، والفقير يذوق الأمريّن ويصمت مفضّلاً كتمان ألمه في ثورة داخليّة تتفجّر آهاتٍ وأنيناً.
المطران المرحوم عبده خليفة ـ سيدني
**
عندما قرأت شعره، قرأت عن نفسي، ورأيت نفسي. رسمت كلماته بخطوط غير متناهية، هي الأحلام. أهدي رسومي إلى إبن الحياة.. شربل بعيني.
جورج الحداد ـ سيدني
**
آمالنا أن ننتبه لأولئك الشعراء المجاهدين الذين ينحتون تاريخهم، ويحافظون على لغة أمتهم، رغم تحديات الغربة والبعد عن الوطن.
وإذا تناسينا أولئك الشعراء المكافحين، ولـم نلتفت إليهم، ستنالنا، دون ريب، سهام قصيدة "لعنة اللـه علينا"، التي ألفها الشاعر شربل بعيني، ونحن نعلم جيّداً ماذا تفعل "اللعنة" إذا حلّت بأمة؟!
"كيف أينعت السنابل" أحدثت جدلاً في وسط مدينتنا الثقافي، ونالت إعجاب كلّ من قرأها.
إياد الزاملي ـ العراق.
**
أن تكتب شعراً، يعني إنك إنسان أولاً، وإنسان ثانياً، وإنسان أخيراً. وأن تكون إنساناً، إنساناً حقّاً، يعني أن للكلمة الكأس المعلّى، وان الخير الى ازدياد، وأن العالـم أجمل.
شربل بعيني، أيها الشاعر، شكراً على مجموعتك التي ائتمنتني عليها.. أعدك بالحفاظ عليها بين أشيائي الثـمينة. إنها تمثّل بقايا الجمال في هذا العالـم.
أنيس غانـم ـ سيدني.
**
مرة اخرى تقف الكلمات حائرة امام عظمة اعمالك. مرة اخرى تتراكض الجمل على لساني متهيئة للتعبير عما يعتمل به قلبي من فخر واعتزاز بأشعارك. فأقف حائراً امام هذه الجمل لأختار منها ما هو أبلغ وما هو اعمق، ولكن سرعان ما يبعدها شعور داخلي بأنك يا شربل بعيني في مرتبة أسمى من أن تدوّن على قرطاس بواسطة يراع، ولأن أعمالك تبقى بمنأى عن جميع الكلمات.
نبيل عيسى ـ سيدني
**
أخي الشاعر الواقعي والثائر والناقد الجريء شربل بعيني..
استلمت هديّتكم الفكرية الصادرة عن عقل بنّاء، والمعصورة بمدماكيْ المنطق والفلسفة وغمزة التصوير الواقعي عن أحداث تربة الأجداد التي دوّخت العالـم بأسره، في كتابكم القيّم "مجانين". والمتفجّرة من نفسيّة أبيّة، ثائرة، صامدة، حزينة تبشّر بقطرات الحب والإخلاص للإنسانيّة التائهة البعيدة، في "إلهي جديد عليكم".
سمير حليم الأسمر ـ مالبورن
**
أما كتاب "قصائد ريفيّة"، فهو عبارة عن مجموعة من النثر الشعري، نبضت بها نفسٌ شاعرية حساسة، معبرة، بكل اتقان، عن أحاسيس صادقة، ووجدانيّة نابضة. إنها مشاهد حيّة نقلها إلينا الشاعر شربل بعيني في قالب ساحر وبسيط.
إيلي شعنين ـ مالبورن
**
يا اخي شربل.. أنت لـم تجعل من الشعر صنعة، أو سلعة، أو تجارة، بل إنك تنظم بلسان كل أولئك الذين طالت غربتهم ويحنّون للوطن المصلوب. أنت لسان حالهم، تصيغ لهم الشعر اليوم في قوالب من رباعياتك.
حسام شعبو ـ مالبورن
**
نحن سعداء بأن يكون بيننا أمثالك، يا شربل بعيني، علّنا في المستقبل نستطيع أن نضع أول "طوبة" في أساس أدب مهجري في أستراليا، كما سبق وكان لنا صفحات في تاريخ الأدب المهجري في القارات الأخرى، مثل إنتاج جبران ونعيمة وحداد وعريضة.
نجاة فخري مرسي ـ مالبورن
**
أخيراً، يمكن القول ان شربل بعيني شاعر الحب المتجدّد، حبّ مخضّب بدموع التجربة وألوان الغربة والمعاناة، استطاع أن يصفي الذات ليصهرها بشمولية. حمل في قلبه حب الوطن والإيمان بأرضه وشعبه، فهو إن أحب كان حبّه صادقاً مخلصاً، وإن غنّى الشعر نفحه في قيثارة عذبة تنفث الكلمات الرشيقة، والمعاني اللذيذة في أسلوب جديد يجعله في مصاف الشعراء الذين يحاولون إرساء قواعد مدرسة جديدة في صياغة الديباجة الفنيّة للشعر العربي في بلاد الإغتراب.
الدكتور جورج مارون
الأنوار البيروتيّة ـ 16/9/1994
**
بأللـه وبنقطة زيت شو جمّع فنون
شاعر بعيني.. صار ببّو العينتين
نحنا طلعنا فرد عينه بالعيون
وشربل بعين الشعر طالع عينتين
عصام ملكي ـ سيدني
**
إن ديوان "كيف أينعت السنابل؟" للشاعر شربل بعيني، هو في الحقيقة مشهد فذّ فريد، بناء شاهق عريق، عطاء فكري متواصل، مفعم بالوطنيّة والإحساس الصادق والبعد القومي الشامل. إنه طرح موضوعي رصين، شاعريته جذابة، أسلوبه سلس. حقّاً إنه نتاج ضخم.
أحمد موسى شاكر العمران
التلفزيون الأردني ـ عمّان
**
شربل بعيني، الشعر والشاعر، أحبّه كثيراً لأنه يخطيء كثيراً، ويخطيء كثيراً لأنه ينتج كثيراً، وينتج كثيراً لأنه يعمل كثيراً. أوَ ليس الكثير من الخطايا أفضل بكثير من نعمة الصمت الذي هو بحد ذاته رذيلة؟.. وهل يسكت عن الباطل إلاّ عبيد الباطل؟
نعيم خوري
صدى لبنان ـ العدد 587 ـ 15/3/1988
**
لـم يكن شربل بعيني ذلك الطوباوي المنغلق على ذاته، المتقوقع في داخل صومعته. بل كان شاعر الشعب وابن الشعب في الأفراح والأتراح. ولـم يكن دودة الحرير التي تنسج حول نفسها قبراً من الحرير تدفن فيه، بل هو لوحة حسّاسة يرتسم عليها ما يحيط به من مؤثّرات، فتمتزج بنفسه، ثـم تظهر للناس رسوماً ذات روعة وتأثير.
عصمت الأيوبي
صدى لبنان ـ العدد 627 ـ 20/12/1988
**
حسب ديوان شربل بعيني الأخير "أللـه ونقطة زيت" أن يكون سيادة الحبر الجليل العلاّمة المطران عبده خليفة رئيس أساقفة أستراليا للموارنة كاتب مقدّمته.
دراسة الديوان الموضوعيّة هذه ثورة بحد ذاتها على المفاهيم المشوّهة إذا أضيفت إلى ثورة شربل أصبحت ناراً تنير ولا تحرق، تهدي ولا تكوي..
وأن يصف سيادته شربل بعيني بالشاعر الاصلاحي، فهذا لوحده شرف لصاحب الديوان، ووسام على صدره، وطعنة نجلاء في الصميم موجهة للحاسدين والمتقوّلين وما أكثرهم.
فؤاد نمّور
صدى لبنان ـ العدد 586 ـ 8/3/1988
**
يا شربل الشعر.. كم أصدرت من كتبٍ
عن غفلة الشعب في أضواء من حكموا
أعطيتنا قمماً بالشعر نجهلها
حيّاك ربّي.. لك الأيّام تبتسمُ
أنت البعيني.. و"الأحباب" أعجبنا
علّ الكتاب به تستيقظُ الأممُ.
عصام ملكي
صوت المغترب ـ العدد 1078 ـ 10/5/1990
**
في الواقع، إن ديوان رباعيّات يحتوي صوراً كثيرة ممتازة، تجعل الاستاذ شربل بعيني يستحق لقب شاعر العاميّة في المهجر عن جدارة. فلغته العاميّة فيها بلاغة تفوق فصاحة أصحاب علـم الكلام المهجري.
حسن درباس
النهار ـ العدد 348ـ 12/8/1983
**
شربل بعيني شاعر يحب اللـه، وينتقل هذا الشعور لقارىء كلماته، وهو يرى اللـه مثالياً، فهو اللـه المحبّة، أللـه العدالة، أللـه الجمال، واللـه خالق العقل والإرادة والضمير، واللـه الرحمة.
وداد الياس
صدى لبنان ـ العدد 675 ـ 5/12/1989
**
شربل بعيني في "أللـه ونقطة زيت" هو مصلح اجتماعي أكثر منه شاعر ينظم الشعر للشعر، على وزن الفن للفن، ولعلّه الوحيد، من بين الذين عرفتهم من جيله، الذي يتعامل مع الشعر على أنه رسالة ومسؤولية، يتوجّب عليه القيام بها وتوظيفها لاسعاد امته، واصلاح مجتمعه. فالشعر قبل أن يكون أحلاماً وتنهدات هو رسالة، وعلى الشاعر تأديتها حتى آخر قطرة من دمه، وآخر صورة شعريّة تتثاءب في خياله.
حنينة ضاهر الأنوار البيروتيّة ـ 30 أيار 1989
**
إذا كان للشاعر شربل بعيني مدرسته الخاصّة في الشعر العامي، فإننا نتوخّى أن تكون له مدرسته الخاصّة أيضاً في الشعر الفصيح. فهل نرى تباشير مثل هذه المدرسة في ديوان "كيف أينعت السنابل"؟
كامل المر
صوت المغترب ـ العدد 906 ـ 9/10/1988
**
اليوم، وبعد أربعة عشر قرناً، يأتي شربل البعيني، لا كناطق باسم قبيلة، كما كان يفعل الشاعر الجاهلي، بل كصوت منفرد ليرسم لوحة مرعبة عن الحرب القبليّة في لبنان، وليبعث بهيسة حيّة في أذهاننا: بهيسة التي لـم يكتب عنها الشعراء العرب قدماء أم محدثون، بالرغم من أنها كانت مفتاح السلام.
الدكتورة سمر العطّار
صوت المغترب ـ العدد 904 ـ 25/9/1986
**
لقد أصبح شربل بعيني ظاهرة مميّزة في مغتربنا، بتعدّد دواوينه، في جالية كانت، حتى الأمس القريب، قاحلة أدبيّاً وفكرياً.
بطرس عنداري
صوت المغترب ـ العدد 907 ـ 16/10/1986
**
إذا كان الشعر خطيئة، فإن شربل بعيني مدروز بالخطايا من قمّة رأسه إلى أخامص قدميه، وحتى آخر نقطة من دمه، وأترك لغيري أن يقول إذا كان هذا شرفاً أو عاراً في الشاعر.
ويكفي شربل بعيني انه يستوحي الوعي القومي، فيكتب باللهيب وبالدم، فالكتابة بالدموع لا يجيدها إلاّ الأقزام والجبناء، وأما الكتابة باللهيب وبالدم فهي صناعة الأحرار والعمالقة.
نع
يم خوري
مجلة الوفاق ـ العدد الثالث ـ 1986
**
كبيراً ذهب الشاعر شربل بعيني إلى بغداد وكبيراً عاد منها. فقد لبّى هذا الشاعر الجريء دعوة لحضور مهرجانات المربد الشعريّة هناك، فحمل الرسالة، وأدّى الأمانة على أتـمّ وجه. فقد كانت أشعاره محطّ أنظار جميع الأدباء والشعراء الذين أكبروا هذه الموهبة الشعريّة الفذّة، وهذه الجرأة الأدبيّة المميّزة، وجعلت نظرتهم إلى الأدب المهجري تختلف عن سابق تصوراتهم وتقديراتهم.
عصمت الأيوبي
النهار ـ العدد 573 ـ 14/1/1988
**
تصيّد الفجر بالأقلام شاعركم
ففي الشقائق من شريانه قبلُ
ولوّن الحقل عصفوراً وأطلقه
حتّى استفاق على أنغامه الرسلُ
هذا الأبيّ الّذي يمناه جدوله
هذا النبيّ الذي أقواله عملُ
يا شاعر الغربة السوداء من حجر
خلقت سحراً، وفاضت عندك الجملُ
الدكتور جميل الدويهي ـ 1990
**
من حسن الحظ أن شربل ابتعد عن الروتين الشعري السائد، فقد عرف كيف يجعل الكلمة العاميّة مطواعة ومتناغمة، رقيقة حيناً، وعنيفة أحياناً أخرى، ولقد أحسست وأنا أسافر عبر مناجاته أن الكلمة تأتيه وكأنها قادمة إلى احتفال، لأنه يعرف في أي مقام يوظّفها، بعد أن يخضعها بكثير من الذكاء لتصوراته، وكأن في عمله تلقائية مدهشة، تتخطّى القواعد الجامدة، لتجعل الصورة تتوضّح، مع تناغم شكل التعبير في أفق الشاعر من جهة، والمضمون من جهة أخرى.
نجوى عاصي ـ سيدني
**
إنتاج الكتاب العربي في أستراليا قد بدأ يتّخذ حيزا مرموقاً، مما دفع الدارسين والناقدين في الأوطان الأم، لرصد حركتنا الأدبيّة. فقد أصدر الناقد السوري المرموق الاستاذ محمد زهير الباشا دراسة راقية تحت عنوان "شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه".
ماري ميسي ـ سيدني
**
شربل بعيني شاعر، الطفل فيه حاضر دائماً لأنه أصدق، لأنه لا يعرف المداهنة أو اختلاق الأعذار والمبررات. ولأنه من طينة البراءة الأولى والحبّ الأول. أبيض أسود، هكذا كل شيء".
شوقي مسلماني
البيرق، العدد 48
**
الشاعر المبدع شربل بعيني، أبداً يفتّش عن المرتفعات، ويغوص في أعماق الوجود، ويفتّش عن الأماني والأحلام ليوقظها، ويبعث فيها النبض والحياة. وأين تكمن الآلام والجراح، ليصف لها الدواء، ويوقف أوجاعها ونزفها.
أبداً يعود إلى المنابع الأصيلة ليعب منها الراح والكوثر، ويصطفي منها القلائد والعقود الحيّة المضيئة المشرقة. لا يقف عند الحدود التي رسّختها أجيال المبدعين والملهمين، وإنما يتجاوزها ويبني على شموخها تماثيل الجمال والإبداع في رؤياه الجديدة. يحب بإخلاص ما بناه أهله فوق سطح المجرّات، ويبقى وفيّاً لهذا الإشعاع المنبعث من خيوط الشمس. لأنه تعبّد في محراب الكلمة الصادقة، وعاش في دنيا الحرف العربي العريق في تاريخه وحضارته. لا ينكر الذين سبقوه على دروب الخلود، ولكنّه يتّخذ منهم مثالاً وريادة، ويستشفّ من بريقهم الألوان والأنغام الحلوة، ويضيف إليها الفريد الجديد المطرّز بالحبكات المذهّبة، والخيال الرائع، والبلاغة في المضمون، والإشراق في المبنى
نعمان حرب
الثقافة السوريّة 1996
**
شربل بعيني أحد العباقرة العرب في أدبه وعطائه الوفي، ونهجه الجريء في كل ما يعطيه من نثر وشعر، ومن إخلاص للعروبة والوطن، ومن تقديس للإنسانية والمثل العليا.
نعمان حرب
الثقافة السوريّة 1995
**
في ديوان الشاعر شربل كيف أينعت السنابل؟ يحارب التهمة المهيّأة المتوفّرة لكلّ مواطن.. ولكل مواطن تهمة تتوافق مع حجمه ووزنه وأمواله.
محمد زهير الباشا
كتاب"شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه"
**
شربل بعيني يثبت لنا في أزجاله أنه في البدء كان الشعر مراهقاً، وكان الوجدان خصباً، والغزل دون مُراهَقَةٍ ومُرَاهِقَةٍ مثل منقار عصفور يحمرّ خجلاً من عندلة جارته، دون أن يقوى على المشاكسة وفعل.. الغناء.
زجله يشعر، يحسو من العتاب، فلا تذبل الآهات، ويفرفح القلب وهو يرسم الحلم على جناح التنورة "الْـ مُشْ لاحِقا تِقْصِير". ويتأوّه من القلوب الحاقدة المنافقة التي تودّ أن تشعل الغزل ليكون رماداً، أو يتخيّله العشّاق سراباً يتفاعل بأعجوبة مع كل صوت، وكأنّه ضحكة الحسّ في اللهفة المتعبة.
والأخطل الصغير وشربل بعيني وكل من عشق الجمال وما زال، وأهل القلم والوتر واللون يذوقون الحبّ ويتذوّقونه مرّتين.. مرّتين.
محمد زهير الباشا
الثقافة السوريّة 1987
**
تعلّم الشاعر شربل أن الصبر ليس حزناً وقهراً، فمنحته هذه المواقف آفاقاً جديدة، وأبعد عن نفسه ضغوطاً من ذكريات أليمة، وتطلّع إلى الكلمة الشعريّة يبني من تفاعلاتها شعراً فصيحاً بلغة سليمة طيّعة، ويستلهم من ربى لبنان زجلاً أخضر اشتهر به ميشال طراد، وإيليّا أبو شديد، وغنطوس الراسي وسواهم..
وبقراءة سريعة بين دفتي ديوانه كيف أينعت السنابل؟ نسمع صرخات الشاعر، وكأنها الجرح الخطير والنزيف في ظلمة الليالي وهو يخاطب السادة المحقّقين. فمن قصيدته "إسمعوني جيّداً" نتلمّس كيف سارت نبضات الشاعر وراء الأمل وهي الأمل.
محمد زهير الباشا
الأمة الأميركيّة، العدد 11، 1989
**
الحب عند شربل ترحال وسفر، يود أن يستمسك بكل اللحظات الهانئة في غزله، ويطلق عليها لحظات التوازن الذاتي. لكنه مع الحب يترك للذات عنانها، فلا تعرف معنى للتوازن المستقل، وهو يعزف اللحن الأبدي على قيثارة هواه، فجاء غزله عزفاً، وعزفه غزلاً مباحاً يتهرّب به عن طريق العزف عن إباحة النبضات الصارخة بالجسد والشهوة.. ويحاول ستر النبضات بحرف، بغمزة، بهمزة، وقد تفجّرت لديه الطاقات المبدعة، فجسّد حساسيته على أرض الغربة ديواناً إثر ديوان، بل قل غزلاً ملتزماً بالحب، وحبّاً ملتزماً بمن تغنّي معه، وتنشد معه كل آهات الحبّ، فكانت معزوفة حب ابتهالاً بالدهشة يشحذ بها الذكريات بحروف زجليّة، فهو لا ينسى أن لا ينسى.
محمد زهير الباشا
الثقافة السوريّة، 25/8/1990
**
.. وقد يفاجأ البعض إذا قلت: إن شربل بعيني الشاعر، في يوبيله الفضّي، لا يهمّني، بقدر ما يهمّني شربل بعيني المربّي، واضع العديد من الكتب المدرسيّة، التي تبنّتها الحكومة الأسترالية، وتناقلتها أيدي الطلبة العرب في المغتربات. مؤلفاته المدرسية هذه، سدّت فراغاً تعليميّاً هائلاً، بعد أن شحّت، بسبب الحرب، الكتب العربيّة المستوردة، وعجز البعض منها، عن استمالة الطالب المغترب، وترغيبه النطق بلغته الأم، لو لـم يتدارك شربل بعيني الأمر، ويتفرّغ كلياً لإعداد كتب مدرسيّة حديثة، قد لا يخلو صف أو مدرسة منها.
المطران يوسف حتّي
يوبيل شربل بعيني الفضّي، 1993
**
من الثبات، من غفلة الساعات المتسارعة، من عجقة الأرصفة المظلمة، يوقظنا شربل بعيني، ويحملنا إلى مسرح سيّدة لبنان مشاهدين، مستلهمين، معجبين، حاملين في أيدينا أسراب عصافير، ولتبقَ الأشجار بلا أطيارها، نغمض العيون على الفرح الآتي من فوق، من على الخشبة، نغمضها جيّداً كي لا نطل على الشارع من جديد على درب "يا عيب الشوم".
هنيئاً لنا بصغارنا الكبار، براهبات ساهرات، وبشاعر أقل ما يقال فيه انه يصهر من الطفولة ما يغني عن سفسطة البلغاء.
أنطوان قزّي
التلغراف، العدد 2526
**
وإذا كان شربل بعيني قد وجد نفسه مقيّداً في أمور كثيرة، منها اضطراره لإظهار 600 طفل في مسرحيّة واحدة، مما يعني اضطراره أيضاً لمراعاة قدرة الأطفال على الحفظ والأداء.. فإنه في الوقت نفسه استطاع أن يقدّم عملاً جيّداً، وفي أحيان كثيرة تمكّن من اختراق السقف الذي حددته له قدرة هؤلاء الشبّان، كما في المقطع الذي دار بين "البصّار" والفتاة التي تبحث عن عريس.
الدكتور جميل الدويهي
صوت المغترب، العدد 1060
**
إذا كان "دانتي" قد سجّل رحلته في سبعة أيّام، أمضاها في عوالمه الثلاثة: الجحيم والمطهر والجنّة.. فكانت الكوميديا الإلهيّة.
وشربل ما زال يسجّل رحلته كل يوم، يمضيها في أرض الغربة. لبنان جحيم مخيف، الغربة هي المطهر، والعودة هي الجنّة.
يقود تلك الرحلة "فرجيل" شاعر اللاتين: رمز العقل. ورحلة شربل يتفجّر خلالها شعره: رمز العقل والإنطلاق.
مع دانتي، بياترس رمز اللاهوت. ومع شربل، أللـه رمز الخير.
مع دانتي، القديس برنار رمز التأمل. ومع شربل، الحب رمز الحلم والموعد.
في عالـم المطهر، تتراءى لدانتي الأحلام. وشربل، في أرض سيدني، تتمازج الوقائع، ومن أرض الأرز إلى جزيرة أستراليا.
محمد زهير الباشا
كتاب "شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه" 1988
**
الشاعر شربل بعيني طاقة لا تهدأ. الصحف العربيّة الصادرة في أوستراليا تلاحقه لتقطف من ثـمار نتاجه غذاء خالصاً تقدّمه لقرائها. وكلّما تراكمت هذه المقطوعات نسّقها وصنّفها وأصدرها في مؤلّف ، بالفصحى أو بالعاميّة. آخر هذه المؤلفات وليس الأخير بالطبع، فشربل ما زال في أوج عطائه، كان ديوان أللـه ونقطة زيت.
في هذا الديوان، يتناول الشاعر بأسلوب شعره العامي المبتكر، الأساطير والأقاويل والخزعبلات التي تزخر بها الطقوس الدينية والمذهبيّة على اختلافها. هدفه في ذلك تحرير الانسان من المفاهيم التي ولّدتها تلك الأساطير الخزعبلات التي استعبدت الانسان، وعطّلت تفكيره، وأجازت له، على مدى العصور والازمان، أن يرتكب الجرائم باسمها، وفي سبيل الدفاع عنها.
وشربل، في ديوانه أللـه ونقطة زيت، كما في ديوانه كيف أينعت السنابل؟ أشد جرأة، وأكثر وضوحاً، وأعمق فكراً، وأكثر شمولاً.
يبدأ الديوان بثلاثة أسطر بخط يده تقول: "لقد سخّرت مالي في خدمة حرفي، وجنّدت حرفي في خدمة الانسانية، فساعدني يا رب كي أمتلك الحقيقة".
أرى البعيني قد عمل بنصيحة الريحاني، حيث أوصى الشاعر ـ كل شاعر ـ أن: "وفّر قرشك لطبع ديوانك". فقروش شربل توظّف لطبع دواوينه، وفي كثير من الأحيان لمساعدة الآخرين على نشر نتاجهم، وهذا في عرفي قمّة الأخلاق الأدبيّة، وإدراك واعٍ لمسؤوليّة الكلمة الواعية المسؤولة.
كامل المر
كتاب " مشوار مع شربل بعيني 1988
**
من حسن الحظ أن شربل ابتعد عن الروتين الشعري السائد، فقد عرف كيف يجعل الكلمة العاميّة مطواعة ومتناغمة، رقيقة حيناً، وعنيفة أحياناً أخرى، ولقد أحسست وأنا أسافر عبر مناجاته أن الكلمة تأتيه وكأنها قادمة إلى احتفال، لأنه يعرف في أي مقام يوظّفها، بعد أن يخضعها بكثير من الذكاء لتصوراته، وكأن في عمله تلقائية مدهشة، تتخطّى القواعد الجامدة، لتجعل الصورة تتوضّح، مع تناغم شكل التعبير في أفق الشاعر من جهة، والمضمون من جهة أخرى.
نجوى عاصي
كتاب " الوهج الإنساني في مناجاة شربل بعيني، 1993
**
للّـه وللحق أقول: إن شاعراً كشربل بعيني يلقّب بأمير التباشير بلا منازع في المهجر والوطن. وفي هذا الظرف بالذات، حيث تبث أحرف كلماته الأنغام الصادقة، فتنفذ إلى أعماق كل ذوّاقة من البشر. وقد كان لقريحته هدف سامٍ هو السير بالإنسان صعداً، هداية اعتقدها شربل حقاً سماوياً بلا منازع، بتعلّقه في حب علي، فانسكبت روحه في إطار هذا الحب، على رغم ما يتعثّر به هذا الإنسان من نقد في طريق العذاب، في حين عجقت روحه في حب إبن أبي طالب، وفي حبّ الناس.
كلماته تفيض رقّة وألماً معاً، ذلك أن أعمق زفرات القلب البشري وجدت لها أنغاماً على شفتيه، وعلى أوتار قيثارته، فسميّ بحق صنّاجة زجل العرب المعذّب، في الوطن الكبير والمهاجر. وسيتناول الناس أشعاره، ويترنمون بألحانها المختلفة، وخصوصاً هذه المناجاة المزاميرية، التي سكب شربل كلماتها من روحه، بأحدث قالب زجلي.. وسيوالي الذوّاقون الترنّم بأشعاره، إلى ما شاء اللـه، دون أن تفقد شيئاً من روعتها.
أحمد حمّود
كتاب " شربل بعيني في مناجاة علي بن أبي طالب" 1993
**
طريقة شربل بعيني الجديدة في الشعر العامي استوقفتني، قرأتها مرات ومرات، لما فيها من سلاسة وعذوبة وعمق وجرأة. وجدتها ينبوعاً متدفقاً، لا ينضب، من العطاء الإنساني المثمر، شاملةً جامعة، ترفد مختلف الفنون بديمومة من الأدب والشعر والعلـم والفلسفة. ومما رفع من مقام زجليّاته، رحابة صدرها بالخير والمحبّة، وعدم تطرّفها أو انحيازها لجهة معيّنة. فمهما اختلفت القضايا التي طرحها وسيطرحها الشاعر، تبقى في جوهرها الحقيقي تمثّل قضية واحدة، ألا وهي.. الإنسان.
مي طبّاع
كتاب "شربل بعيني قصيدة غنّتها القصائد" 1994
**
يجدر بنا ان نشكر الشاعر الاديب شربل بعيني على مؤلفاته القيمة، التي ساهمت، وما تزال، في نشر الكلمة العربية والشعر العربي في هذه البلاد البعيدة.. كما انه، أي شربل، يغني التراث العربي، ليس في استراليا وحسب، بل وفي كل البلاد العربية والمهجرية. بإيجاز، نستطيع القول: إنه احد اهم اعلام الادب المهجري، او كما كتب عنه الاديب السوري المتخصّص في ادب المهجر الاستاذ نعمان حرب: هو شاعر العصر في المغتربات.
حنان فرج
كتاب "شربل بعيني في جامعة مكارثر"، 1996
**
إني أقرأ أشعارك باهتمام بالغ، وبتأثّر عميق. فشعرك يلامس الأعماق، ويظهر روحاً حساسة، وغربة مضنية.
السفير ريمون حنينة
كانبرا في 21 أيار 1982
**
عزيزي الاستاذ شربل
تحية طيبة وبعد..
ما أن انتهيت من تصفّح مجانين، حتى أخذت القلـم لأهنّئك على هذا النتاج القيّم. فقد فتحت مأساة الوطن آفاقاً وتحسسات واسعة أمام المفكرين والادباء ليصوّروا انطباعاتهم وتوجيهاتهم. وإننا نحمد اللـه أن في لبنان من تفهّم جذور المشكلة وأبعادها، وهم اليوم جادّون في بناء مجتمع جديد خالٍ من أدران الماضي، فالأمل أن يوفّقوا في ذلك رحمة بالشهداء والأدباء.
قنصل لبنان العام سهيل فريجي
سيدني في 1/12/1976
**
وشكراً لك، ثانياً، على عمل عظيم تؤديه من خلال رسالتك الشعريّة، فتعطي لبنان حكمة الجمال التي طالما عرف بها.
القنصل يوسف الصيّاح
مالبورن في 18/8/1983
**
سمعت شعرك.. قلت: يا عيني
متل الورد مزروع بجنينه
مأكّد كلامك مستواه كبير
ما دام إسمك شربل بعيني
القنصل مصطفى مصطفى
**
بيتذكر بيوم العيد
كل واحد.. خيّو الأنسان
ولما بيقرب عام جديد
منوعى من بعد النسيان
القصّه بكل دقّه وتحديد
تصوّر شي واحد عطشان
وصرلو فتره يمد الإيد
ويطلب عون من الإخوان
بقلب الصحرا.. وحر شْديد
منشّف جسمو بكل مْكان
وإلاّ.. تزاولّو من بعيد
نبعة مي وكوز رمّان
طار من الفرحه الصنديد
وبلّش غبّ بلا حسبان
وهيك الحاله.. بلا تمجيد
منبعد عن أحلى خلاّن
حتى نرجع بالتأكيد
نغرف من نبعة شربل
أطيب نبعه من لبنان.
القنصل مصطفى مصطفى، مالبورن
**
ولأن شعر الشاعر الأديب شربل بعيني ينمو ويتعافى في هذا الاتجاه التثقيفي الراقي، جئت في كلمتي هذه، كقارىء ومراقب لكتاباتك منذ حين، لأعبّر عن شعور وجداني نحو عينة طيبة، هي محطّة أدبيّة مهجريّة تبعث في روح جاليتنا صيحات الوعي لخلق جيل سيفتح عينيه على حقيقة، وفؤاده على حقّ جيل لا يحني لغير العلم رأساً، ولا يمد لغير المعرفة يداً. جيل يعرف أن بلاده كانت وستبقى المعلمة والهادية للإنسانية جمعاء.
بورك نتاجك.. وبوركت الشاعر والرجل المؤمن بالمعرفة والفضائل، المصارع في مغتربه سيدني أستراليا، والمساهم في صناعة تاريخ جالية عريقة، تساهم أيضاً بروح رسوليّة رياديّة في صناعة تاريخ أمّة مضيافة، فيها كل الفن، وكل العلـم، وكل الفلسفة. قيم هي المصباح الكبير الذي أضاء لنا طريق الحياة في غمرات الليل الطويل. إلى الأمام واسلم معافى لحقيقة وجودنا.
سامي المظلوم
صوت المغترب، العدد 892، 1986
**
أعتقد أن الشاعر شربل بعيني قيمة إنسانية، وطاقة إجتماعيّة جيّدة في مغتربنا. يصارع بوقفة عز هذا الشرّ المتربّص بنا، الحاقد علينا وعلى المثل العليا التي نتمسّك بها حتّى الشهادة..
فبحق دماء كل شهداء الحقيقة، شهداء الحياة الجديدة، شهداء القضيّة المقدّسة.. ومع صباحات شهر الفداء الذي كرّس نفسه شرطاً لانتصار شعبنا على كل المتآمرين عليه من الداخل والخارج.. وبحق كل هذه القيـم، إنني أرى هذا الشاعر يعمل بإخلاص، ويتأهّب ليكون من روّاد أدب الحياة في مغتربنا، ومن يعش ير.
أقول هذا، لأنني قرأت الكثير لشربل بعيني، فوجدته يكتب من أجل هدف وطني، وليس من أجل الكتابة فقط.
سامي مظلوم
صوت المغترب، العدد 942، 1987
**
الحب عهدو بينك وبيني
باقي عطر فوّاح بجنينه
يا شاعر الإبداع.. شو بكافيك
كبيره عليّي كتير هـ الدّينه؟
كل ما حملت معزوفتك رح قول:
يا ربّ خلّي شربل بعيني
سامي مظلوم
التلغراف، 13/12/1989
**
تلقّت صوت المغترب طيلة الأسبوع الماضي العشرات من المكالمات الهاتفيّة ورسائل التأييد لما جاء في زاوية الشاعر شربل بعيني حول قصيدة "مجانين"، كلها تظهر مدى التأييد الذي يتمتّع به الشاعر الشعبي شربل بعيني..
وصوت المغترب، التي تفخر وتعتز بكتّابها وقرّائها ونقّادها، تعتبر صفحات الجريدة هي ملك لهم لما فيه مصلحتهم ومصلحة الوطن.
فشربل بعيني لـم يعد شاعراً فحسب، بل أصبح يمثّل تيّاراً من المعجبين بشعره وأدبه. فالمكالمات الهاتفيّة والرسائل التي تلقّتها صوت المغترب بخصوص زاوية شربل وقصيدته "مجانين" تؤكد جميعها على تقدير الأستاذ شربل، واحترام شعره، ودعم زاويته، وهذا فخر لنا.
ولكثرة الردود التي تلقّتها الجريدة من مؤيدي الأستاذ بعيني، فإننا نعتذر عن نشرها جميعاً، ونكتفي بنشر هذا القدر من الرسائل التي إن دلّت على شيء، فإنما تدل على مدى التأييد الشعبي الذي يتمتّع به الشاعر الشعبي وزاويته "من خزانة شربل بعيني".
صوت المغترب، 14/2/1985
**
الضّاد تفرح أن يكرّم شاعرٌ
فيكرم الإنسانُ في الإنسانِ
ما "شربل" إلا فتى أحلامنا
حمل الرسالة داخل الوجدانِ
كبراعم الزهر الندي يصونها
ويصوغها في أجمل الألحانِ
فتذوب حيناً رقّةً ولطافةً
وتثور، حين يثور، كالبركانِ
عصمت الأيّوبي
تكريم شربل بعيني في السفارة اللبنانية بكانبرا، 1987
**
كلّما دخلت منزل شربل بعيني تطالعك ظاهرتان تمتلكان فيك القلب والعقل. الظاهرة الأولى، هي تلك الإبتسامة المشعّة على شفاه أهل الدار، المشفوعة بكلمة (يا أهلا وسهلا) الصادرة من القلب. وما هذه الإبتسامة إلاّ مرآة تعكس ذلك الكنز الثـمين من المحبّة والصداقة، الذي يجمعه شربل بعيني وذووه بين حناياهم. تشعر بأنك واحد من أهل البيت، والدة عطوفة أعطت العالـم ما في المحبّة من رونق عندما ولدت شربل بعيني.
والظاهرة الثانية، التي تمتلك حواسك وعقلك، هي ذلك الشعار ـ الرمز المعلّق في أبرز مكان على جدار قاعة الإستقبال، ليراه القاصي والداني، ولو نطق لسمعته يقول: الخلق كلّهم عيال اللـه. إنه رمز وحدة الأديان والطوائف اللبنانية، جمعها شربل في بيته وقلبه وعقله، وجسّدها في مناجاة علي، ونطق بها في مزموره السابع:
دينك ديني.. دين الحبّ
الحبّ اللي بيجمع أكوان
وعلى مبدأ المحبّة، توحّدت الأديان في عالـم شربل بعيني.
في مناجاة علي تلتقي المحبّة والإيمان على مبدأ سمو الأديان، ونبذ التفرقة والتعصّب، فاللـه، كما قال السيّد المسيح، محبّة: (من أقام في المحبّة أقام في اللـه وأقام اللـه فيه)، والشرعة الوحيدة التي يتحتّم على الإنسان أن يعيش بها ولها، كما قال ميخائيل نعيمة، هي شرعة المحبّة، محبّة كل الناس، وكل الكائنات.
فلا عجب، إذاً، ولا غرو أن ينهل شربل بعيني من ينبوع عليّ، يغرف منه ما شاء، ويرتوي من حكمته وطهارته ليؤسّس معه علاقة فكريّة روحيّة، تنطلق من هذه الشرعة السرمديّة، شرعة محبّة كل الناس والكائنات.
عندما يناجي شربل بعيني عليّاً، تشعر بأنك أمام معزوفة موسيقيّة تشابكت فيها تعاليـم الأديان السماويّة بتناغم عذب، تنقلك من محيط الإيمان إلى محيط المحبّة، ومن عالـم الإنسان الأرضي إلى مجرّة الإنسانيّة، وفوق هذا وذاك ينكشف لك بأن (الخلق كلّهم عيال اللـه، أحبّهم إليه أنفعهم لعياله).
مناجاة علي، بالإضافة إلى كونه عملاً أدبياً رائعاً، هو وجه مشرق في حياة شربل بعيني، استحوذ على المزيد من إعجابنا وتقديرنا، إذ أنه تطرّق إلى موضوع يلامس حياتنا الواقعيّة، ويعكس أبهى ما في العلاقات الإجتماعيّة بين مختلف المذاهب من مزايا إنسانيّة وروحيّة، وهو بعمله هذا يعيد إلى ذاكرتنا روائع بولس سلامة وجورج جرداق وغيرهم من الذين عرفوا قدر الإمام علي بن أبي طالب.. وقَدَرَه.
قيمة هذا العمل هي في ذاته، ونزداد انبهاراً به كونه أنتج في المهجر، ليكون نبراساً للأدب المنتشر، وقدوة في التلاحم الديني. إنه رسالة المهجر إلى الوطن، أو بالأحرى، دعوة إلى نبذ العصبيّة الطائفيّة والتعصّب الأعمى، اللذين كادا أن يفتّتا الوطن. إنه رسالة إلى أولئك الذين يأخذون من التعصّب ستاراً، لا بل حصناً يبثّون من ورائه سموم التفرقة، تارة باسم الدين، وطوراً باسم الوطن، والدين والوطن منهم براء.
إبن لبنان البار هو من حمل راية التلاحم والتلاقي والمحبّة والإنصهار. بهذه الأقانيم تبنى الأوطان. فهنيئاً لشربل بعيني بهذا التكريم، وهنيئاً للبنان الواحد الموحّد، وللجالية اللبنانية الواحدة الموحدة، بشربل بعيني".
السفير لطيف أبو الحسن
تكريم شربل بعيني على ديوانه "مناجاة علي" 1992
**
أشعر اليوم أنني في قلب (بتخنيّه) وفي قلب (مجدليا)، وفي قلب لبنان.. إذ أن هذه العواطف الجيّاشة جعلتني عاجزاً عن مجاراتكم في اللغة والبلاغة والمبنى.
يطيب لي، وأنا محاط بهذه الباقة الفوّاحة من الأصدقاء، أن أسترجع ذكريات مرّ عليها إثنا عشر عاماً. ففي السنة الأولى لوصولنا إلى أستراليا، تكرّم الأستاذ شربل بعيني وأقام لي حفلة استقبال في دارته العامرة، وأوّل ما لفت نظري لوحة معلّقة في البهو الرئيسي من المنزل، تتضمّن شعائر الأديان السماويّة كلّها، فأكبرت فيه ذلك، وقلت في نفسي إنني أمام ظاهرة فريدة تجسّد لبنان، تجسّد الإنسانيّة في لبنان.
وبعد أن تناهى إلى سمعي، بعد سبع أو ثـماني سنوات، إنه مارس قناعته فعلاً، واقترن بليلى إبنة أخي عصمت الأيّوبي وأم مصباح.. قلت: لا شك ان هذا الرجل، بما يمثّل ويؤمن ويعتقد، هو تجسيد للقيم والأخلاق اللبنانيّة، التي يجب أن يبنى الوطن عليها.
أخي وصديقي شربل.. لقد أكرمتني مرّتين: المرّة الأولى عندما منحتني صداقتك، والمرّة الثانية عندما نبذت الطائفيّة قولاً وفعلاً، وكأني بك توجّه رسالة تقول بها: هكذا تبنى الأوطان.
السفير لطيف أبو الحسن
ليلة وداعه عام 1997
**
إلتقيت شاعراً في سدني ـ أستراليا إسمه شربل بعيني. ذكّرني بجنس من الملائكة اعتقدته مفقوداً من زمان. شاعر دائم الإقبال والبشر والتفاؤل. برغم غضبه وحنقه ليس حاقداً، وبرغم غربته أليف، طيّب، وصاحب معشر.
ويكتب شربل بتلقائيّة وكيفما أراد، بدون هواجس ولا ذرّة تردد. كأن الشعر فمه، وهل رأيت من يجامل فمه؟..
أقترح على المشرفين على مهرجانات الشعر العربي دعوته للمشاركة، فلديه لون يذكّرنا بزمن الهجرة الأولى وعصر النهضة.
جاد الحاج
الدستور اللندنيّة، 7 أيلول 1987
**
السندباد مسافر إلى بغداد، إلى بلد الرشيد ومنارة المجد التليد. هوّذا الشاعر شربل بعيني يثوثّب، يستعدّ، يتهيّأ، يخاف، يتهيّب، لأنه ليس في زيارة عادية. إنه على موعد مع مهرجانات المربد الشعريّة، والدعوة، وإن كانت باسم شربل بعيني، إلاّ أنها لا تعنيه وحده، إنها تعني جميع أبناء الجالية العربية في هذه القارّة. وبالأحرى، فإنها موجّهة إلى أدبنا المهجري في الصميم، إلى كرامتنا القوميّة، إلى حركتنا الثقافيّة في هذه البلاد.
عصمت الأيّوبي
النهار، العدد 565، 12/11/1987
**
يا شربل.. في طريقك إلى المربد تذكّر أنك شاعر بساط الريح طوع جناحيك، وقباب السماء قناطر لقدميك. لعينيك تتراقص النجيمات، وفي حناياك تتغلغل الشمس. على كفّيك تنبسط الأبعاد، وفوق كتفيك ينشلح تاريخ طويل. كما في طيرانك، كذلك في شعرك، أنت دوماً تحلّق. تطلّ من دنيا ليست كدنيانا، وتنسكب شلالات لـم تخطر ببال، وتسرح في أخيلتنا كما لـم يسرح خيال، تشيع فيها الحب والثقة والتمرّد.
يا شربل.. في طريقك إلى المربد تذكّر أنك لست من النخبة المصابة بمرض الطليعة، أو ظاهرة الريادة، ولوثة الإنحراف، بل أنك صوت يدوي كما الرعد، ويقظة تتوثّب كما البرق، وأنك أنت ضمير هذه الجالية المتوهّج، وقلبها الذي يحبّ الحياة لأنه أقوى من الموت.
نعيم خوري
صدى لبنان، العدد 572، 17/11/1987
**
يا شربل بعيني بهالمشوار
وحياة سر محبّتك يا جار
مش وحدك مسافر على بغداد
اللي مرافقينك بالتمنّي كتار
منهم نعيم وكامل وفؤاد
وعصمت وزين العاجز الختيار
والوالده.. وإخوانك الأمجاد
والصّحافه وعصبة الشعّار
يا بن مجدليّا الوفي المعتاد
تغازل عروس الشعر ليل نهار
بهالمرحله خلّي الغزل ع حياد
وعالج قضيّة شعب مجدو انهار
مش رايح تغنّي بفرح وعياد
ولا رايح تأمّن عروس الدّار
رايح على المربد رسول بلاد
شعبها معلّق مصيرو فيك
يا إبن تربتها الأمين البار
زين الحسن
صدى لبنان، العدد 573، 24/11/1987
**
شربل بعيني.. أثبت حقاً أن لونه الشعري يختلف ويتفرّد بميزة ما هنا في المربد.
أحمد الأشول
اليمن 1987
**
الشيء الرائع حقاً أن شربل بعيني ألقى القصيدة مرّتين في آن واحد، مرةً بيديه ومرةً بلسانه".
عبد الخالق سرسام
العراق 1987
**
قصيدة الشاعر المهجري شربل بعيني في المربد الثامن من القصائد الرائعة الجامعة بين الحنين والحب، وبين الواقع والتخييل، ما يجعلها لؤلؤة في الشعر المهجري المعاصر والشعر العربي الحديث بأسره.
نسيب نمر
لبنان، 1987
**
قصيدة الشاعر شربل بعيني، التي لـم يتح لي حضور إلقائها، ولكني قرأتها مكتوبة، كانت، في نظري، ذات شفافيّة رائعة، وهي تتوفّر على موسيقى داخليّة هامسة. والملفت للنظر فيها هو هذه التركيبة الطريفة المتأتيّة من المزج بين التفعيلة والبحر الشعري وبكارة العاميّة وجمالات الفصحى..
محمد ظافر ولد أحمدو
موريتانيا 1987
**
شربل.. هو الشاعر الصارخ والمصارع من أجل الحق.
البروفسور رايد بوزوفيتش
يوغسلافيا 1987
**
شربل بعيني يرفع رأس لبنان في أستراليا وفي كل مكان، وقد رفعه أمس بقصيدته العصماء في مربد بغداد أمام ألوف المستمعين المعجبين

سليمان أبو زيد
لبنان 1987
**
في مثل هذه المناسبة مجال واسع لكلام كثير. غير أني سأوجز، ففي الإيجاز ما ليس في الإسهاب من خفّة الوطأة على القارىء أو السامع:
عظماء الخلق الحقيقيّون هم عظماء كل زمان ومكان. وهم شرف للإنسانيّة كلّها، لا يستطيع احتكارهم أحد من هنا أو هناك، لأنهم كالضياء الذي ينتشر على الجميع.
ولأن الإنسانيّة في النتيجة واحدة، ولأن التفريق بين قوم وقوم، أو بين طائفة من البشر وطائفة، هو عمل هامشي لا جوهري، وآني وطارىء على الحقيقة وعلى الخصائص الإنسانيّة بأصولها ومجاريها وغاياتها، فإن سيرة كل عظيم في الفكر والخلق والمسلك، أياً كان زمانه ومكانه، وأياً كان قومه، ومهما حاول هؤلاء أو هؤلاء احتكاره، هي ملكي وملكك وملك الناس، كل الناس، البيض والسود والصفر والمجاورين لك والغائبين عنك وراء البحار السبعة.
وفي طليعة عظماء الفكر والخلق والسيرة، منائر الأزمنة، هداة الناس جميعاً: الإمام الأعظم علي بن أبي طالب.
وإذا كان الجمال السامي لا يستشفّه فيراه ويهواه إلاّ صاحب النظر الصائب، والمخيّلة الكاشفة، والروح الصافي، والذوق الرفيع.
وإذا كانت القيم الكبرى لا يدرك معانيها فينتشي بعبقها ويحيا لها وفيها إلاّ من أودعه اللـه القدرة على الإتحاد بجوهر الأحياء والأشياء على السواء.
وإذا كان أصحاب الجمال السامي، والقيم الكبرى، لا يستظلّهم ويدفأ بوجودهم، فيطمئن من خلالهم إلى خير الوجود ونعمة الحياة الواحدة والعدالة المنبثقة من قوة الكون المركزيّة التي هي اللـه، إلاّ الطيّبون الخيّرون المهيّئون فطرياً لأن يكونوا رسلاً للإخاء والمحبّة والرحمة، لا بالأحياء وحدهم بل بأشياء الوجود الصامتة كذلك.
إذا كان الأمر على هذه الصورة، فلا بدّ من أن يكون شربل بعيني من أصحاب النظر الصائب، والمخيّلة الكاشفة، والروح الصّافي، وممن أودعهم اللـه القدرة على الإتحاد بجوهر الأحياء والأشياء جميعاً، ومن الطيّبين الخيّرين المهيّئين فطرياً لأن يكونوا رسلاً للإخاء والمحبّة والرحمة، لكي يتمكّن من أن يستشف جمال الروح السامي في عبقري المعاني الإنسانيّة علي بن أبي طالب، وأن ينتشي بعبق القيم التي يمثّلها الإمام الأعظم، ويستظلّه ويدفأ بوجوده، ويطمئن من خلاله إلى نعمة الحياة الواحدة في خلق اللـه.
هكذا هو، وهكذا كان كتابه الشعري مناجاة علي، الذي آثر أن ينظمه بلغته المحكيّة لتأتي أوثق صلة بحقيقته، وأدق تعبيراً عن مشاعره، وأقرب إلى العفويّة الخالصة.
في هذا الكتاب ما يدلّ على رغبة الإنسان الحقّ في العودة إلى الينابيع الصافية، التي لـم تعكّرها الهموم الآنية الهامشية، التي طالما أبعدت المرء عن أصوله، وحجبت عن عقله وقلبه ووجدانه غاية وجوده. والآنيّ قد يدوم ألوف السنين، ولكنه يظل آنيّاً بالنسبة لعمر الزمان السرمدي.
لبناني آخر ينضم إلى جملة اللبنانيين المثاليين، الذين كان طليعتهم جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، ويشير إلى إحدى المنائر الكبرى في ظلمات التاريخ، ويقول لك: هذا هو علي بن أبي طالب، فاستنر أنت أيضاً بنوره، وامشِ على ضوئه في طريق العدالة والمحبّة والرحمة والخير، أو اختصر وقل: في طريق الحياة الصافية الواحدة التي لا تتجزأ إلاّ هامشياً وآنيّاً.
تحيّتي إلى الشاعر شربل بعيني تصحب تحيّة لبنان إلى الخيّرين من أبنائه المهاجرين، وإلى كل من سعى منهم إلى حقيقة، وأبرز قيمة، وكرّم صاحب جهد كبير.. وشكراً لكم جميعاً".
جورج جرداق
تكريم شربل بعيني على ديوانه "مناجاة علي" 1992
**
لـم أكن أدري، منذ تركت لبنان، وذلك منذ أسبوعين، أنني أترك لبنان إليه!!. إنني، هذه الليلة، وكأنني في لبنان، إلاّ أنّكم، وصدقوني، لبنان الأجمل.
أشعر لأول مرّة، منذ ستة عشر سنة، أنني أنتقل من لبنان الممزّق إلى لبنان السوّي. تركت لبنان الجريح، فإذا بي هنا معكم في لبنان المعافى. تركت لبنان الطائفي، فإذا بي معكم في لبنان المرتفع فوق الطائفيّة. تركت لبنان الغائص في مشكلاته السياسيّة وفي مختلف ما شوّه وجهه من قذارات، فإذا بي معكم في لبنان الجميل، الذي عرفناه جميلاً قبل كل هذه القذارات.
غريبة هي الغربة!.. غريبة: لأنها تجعل واحدكم يحن بشوق محرق، ويخرج مجلواً نظيفاً معافى، كما تخرج عشتروت من الصدفة، وإلاّ فما معنى هذه المناسبة اليوم؟.. شاعر مسيحي أو ماروني يتغنّى بعلي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب يتحوّل في ناظريه وأنظارنا جميعاً إلى مثل من الخير والحق والجمال.
في الآية الكريمة: {أما الزبد فيذهب جُفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. زبد كل هذا الذي حلّ بلبنان من حرب وتشريد وقتل وانقسام. إنه زبد سيذهب جفاء. زبد أيضاً، ربّما التاريخ، إذا لـم يستنر بهذه المنارة الكبرى.
كم تبدو الحياة برقعاً مفزعاً ومخيفاً من غير هذه المناسبات الإنسانيّة، التي أنارتنا عبر العصور.
لولا هذه المنارات، وأبرزها وجه علي، لكانت الدنيا كلّها بلا قيمة، على حدّ تعبيره: "أتفه من قشّة في فـم جرادة".
أهنّئك يا أخي شربل على هذه الأغاني التي غنّيتها لعلي. ما قلته جميل وجليل جدّاً، وأجمل منه أنك قدوة رائعة للذين، من مثقفينا، سيستطيعون أن يعرفوا أولئك الذين نفعوا الناس في التاريخ، وجعلوا هذه الأرض أهلاً لأن يسكنوا.
البروفسور نديم نعيمة
تكريم شربل بعيني على ديوانه "مناجاة علي" 1992
**
بدأت مقالي مستعيذاً مبسملا
وأحمد ربّي رغبةً وتوسّلا
ومنّي صلاةٌ مع سلامٍ لأحمدَ
رسولاً من الرحمن للخلق أُرسلا
فهذا قريض للطويل مقلّداً
فعولن مفاعيلن ومرّتين تكمّلا
توخّيتُ أمراً لـم يكن من سجيّتي
ولست له قبلاً أرى متأهّلا
ولست لبحر الشعر أدري سباحة
ولكنني دخلته متطفّلا
وإني لدى النقّاد أرجو قبولها
على نقصها ولا أبالي بمن قَلا
لأن كريم القوم يستر عيبَها
وذا حسدٍ إن لـم يجده تقوّلا
فقد جئت في شوق حنينٍ وهمّةٍ
على أملٍ كي أحيّي شربلا
المفتي تاج الدين الهلالي
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
إنّ ذا يومٌ سعيد
هلا يا أحبّةَ عيني
إن ذا يومُ الوفاء
لك يا شربل بعيني
إن هنّأك الجمعُ مرّه
لأهنّأنَّكَ مرّتينِ.
المفتي تاج الدين الهلالي
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
في هذا اليوم، يوم اليوبيل الفضّي للشاعر شربل بعيني، يجب علينا أن نعتز بشاعر قدّم للإنسانيّة، للمجتمع، للعلم، للأدب، للشعر وللشعراء مدى عقدين ونصف من التعب والعطاء. فإنّي أهنّئكم، أهنّىء والدته، وأهنّىء لبنان بالشاعر شربل بعيني.
فتحيّة لشربل باسم فلسطين بهذه المناسبة الغالية على أمل أن نلتقي، بإذن اللـه، في يوم شربل الذهبي هنا في سيدني، أو في الوطن الذي أحبّ.
نبيل قدّومي
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
يا أنت.. يا وطني! ساعي البريد هنا
سئمت أصابعه من رنّة التّعبِ
مرحى طلائعك.. استفتي طلائعنا
يا شعلةَ الشرقِ.. هذا شربلٌ عربِي
صبّاً، أتى الكونَ، غنّاه، وأسكره،
وشمخةُ الشّعرِ زلزالٌ من الغضبِ
جنيّةُ الشّعرِ ربّته على يدها
وليس كالشعر مدعاةٌ إلى العجبِ
ومجدليّا التي ما زال يحفظها
صوتاً يضيء على أوتار مغتربِ
غداً يعودُ قناديلاً مشرّعةً
ميناؤه الحلمُ.. يا لبنان فالتهبِ
هذا البعيني حداثته، وطلّتُها
من مطرح الشّمس ما انهارت ولـم تغبِ
يوبيله الفضيُّ بالعينين نكتبه
حتّى يشعَّ، غداً، يوبيله الذّهبي.
نعيم خوري
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
ها أنا أيّها الشّاعر الكبير أقف أمامك في يوبيلك الفضّي، لأنقل إليك تحيّات أبناء بلدتي بنت جبيل، التي كان لها القسط الوافر من ديوانك الأخير، حاملاً إليك كمشة من تراب باحة جامعها مغمّسة ببخور كنيسة مجدليّا.
أحمل إليك رسالة شكر من قبر الشاعر الوجداني الكبير موسى الزين شرارة.
أجل، أيها الحضور الكريم، أحمل كل هذا كعرفان بسيط للجميل، لما خطته أصابع الشاعر شربل بعيني في سبك كلمات قرف، الذي اعتاد أطفال ونساء وشباب وشيوخ بنت جبيل أن يسموها درراً.
الدكتور خليل مصطفى
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
نعم، لقد عرفت شربلاً منذ وصولي إلى هذا البلد المتحضّر، أي منذ ستة عشر عاماً تقريباً. عرفته وقرأته، ومنذ اللقاء الأوّل تكشّفت إلماسة حياته بكل لمعانها وصفائها: طفل شبّ وكبر دون أن يتخلّى لحظة عن ملائكيّة الأطفال فيه، وثائر محرّض على كلّ متخثّر وبالٍ، دون أن يفقد الخيط الفاصل بين الثورة والفوضى.
شوقي مسلماني
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
إننا في الرابطة القلميّة للنساء العربيّات في سيدني نرى أن من حق الشاعر شربل بعيني أن يفرح بيوبيل كلمته الفضّي، ولكن من يحقّ لها أن تفرح أكثر، هي الأم التي أنجبت وتعهدت ورافقت درب الشاعر في كل مسالكها الصعبة، فسهرت تهذّب كلمات ابنها الشاعر، وتسدي إليه النصح، وتسدد خطاه ليصل إلى ما وصل إليه، وحتّى يكون لكلمته وقع يدفع هذا العدد من مؤسسات الجالية لإقامة هذا الإحتفال التكريمي.
كارولين طاشمان
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
إن شربل بعيني طوال ربع قرن من العطاء المتجدّد، رفض إلاّ أن يكون صوت الناس المظلومين المقهورين المشتتين مثلنا على طرقات المنافي. وهذا هو سر ديمومته وتكريمه المتواصل من قبل شرفاء الكلمة في كل مكان.
رفيق غنّوم
يوبيل شربل بعيني الفضي، 1993
**
هنيئاً لنا، كوننا نحيا وشربل بعيني في منفى واحد.
رفيق غنّوم ـ سيدني
**
دخل الشاعر شربل في سفره الطويل في مواكب القريض، إلى داخل الإنسان العربي، وأصبح ذلك المسافر الأزلي في النفس البشريّة، وسوف يبقى صوته مدويّاً، ليس في سماء أستراليا وحدها، ولا في سماء البلدان المهجريّة، بل سيبقى مدويّاً في أرجاء شاسعة من المعمورة.
نعمان حرب
الثقافة السوريّة
**
كلمتك في أبعادها أسمى من الأصفر الرنّان، أو من لون الفضّة. كلمتك متحرّرة من روزنامة الزمان، قد تتمثّل بربع قرن أو نصفه، لكنّها لن تعلّب في عيدٍ، أو تتحجّم في مناسبة.
شربلنا.. يوبيلك والجمال توأم في عالـم الكلمة. وأنت، أنت رسّامٌ بالكلمات، وشاعر بالألوان.
هنيئاً لليوبيل بكلمة اسمها شربل بعيني. هنيئاً لشربل بعيني بكلمة خطبته دون أن تتزوّجه، فظلّ الحبّ بينهما جسر عبور بين البعد والجمال.
أنور حرب ـ سيدني
**
وبما أن لشاعرنا شربل بعيني موهبته الكاملة، وله مستواه المتميّز بالصفاء والنقاء، الذي يؤثّر ويتأثّر، ولكن دون نقل أو تقليد، استحقّ تكريمكم وتكريمنا، وجعلنا نحتفل معاً بيوبيله الفضّي، بعد ربع قرن من العطاء، بعيداً عن الطائفيّة والعنصريّة، قريباً من قلوب قرّائه، بل كان ولا يزال إبن وطنه البار، وإبن جاليته المعطاء.
نجاة مرسي، مالبورن
**
ينبوع شعرٍ لا يجفّ فينضبُ
يشدو به قلبٌ كبيرٌ طيِّبُ
قرض المعاني في إطارٍ محكمٍ
بالصدقِ والإيمانِ فَهْوَ مذهّبُ
قد طار في دنيا الحقيقة مؤمناً
لـم يثنِهِ لومٌ حقودٌ غاضبُ
الحبّ مبدأه يدين بدينه
والحقّ في جنبيهِ دوماً مَذْهَبُ
ناجى عليّاً في قصيدٍ مشرقٍ
يحويه سفرٌ في المديح مبوّبُ
جمع البلاغة حكمةً وفصاحةً
يشفى بها القلبُ السقيمُ المتعبُ
أعطى الكثيرَ بروحه وفؤادهِ
فالكلّ ينهلُ من نداه ويشربُ
أدعوك ربي أن يظلّ مؤيّداً
تشدو (بشربلها) القلوبُ وتطربُ.
الدكتور أنيس مرسي، مالبورن
**
الشاعر شربل بعيني الذي نحتفل بذكرى مرور خمسة وعشرين عاماً على صدور مراهقة، كان فناناً مبدعاً في تجسيد المفاهيم الإنسانيّة بأشعاره، التي حملت في طيّاتها مضامين إجتماعيّة ووطنية خالدة.
رفيق غنّوم، سيدني
**
يوم كتب شربل بعيني مراهقة ـ أول عمل شعري له ـ كان، آنذاك، لـم يزل ذلك الفتى الذي تشدّه بيادر مجدليّا، وكروم العنب والتين، ويلاحق تنانير الفراشات ومراجيح الشعر على طريق مجدليا ـ القبّة، مساء كل يوم على مدارات أيام السنة.
لـم يكن يعلم أن البحر سيناديه، وستحمله رياح الأحلام إلى جزيرة بعيدة، خلف المحيط الكبير، يزرع سهولها بيادر شعر، ويطوّف أنهارها تيارات محبّة، ويزيّن حدائقها صداقات متينة، ويساهم في زرع أول نواة للأدب المهجري الموثّق في أستراليا.
قبل شربل، مرّ على سطح هذه الجزيرة شعراء وأهل أدب وفكر، وبعده نزل فيها شعراء أفذاذ، وأدباء مشهود لهم، شغلتهم الغربة، وحكايات مغاور الزمرد والياقوت التي ترصدها الحسان، فانشغلوا عن الشعر والأدب بفك رصدها.
وحده شربل بعيني، ترهّب في صومعة الشعر والكلمة ثائراً، عاشقاً، متعبّداً، مناجياً. إلى هذا، وشربل لـم يكن يعلم أنه سيصبح (بحاراً يبحث عن اللـه)، أو (مشواراً) على دفاتر الأدباء، وفي قلوب الأصحاب والأحباب، ويوبيلاً هو فضّته وذهبه وعقيقه.
هذا هو شربل بعيني الشاعر والإنسان والمربي.. سواء أحببت شعره أم لا، فلا تستطيع أن تنكر عليه حقّ الأسبقيّة في إغناء المكتبة المهجريّة بالعطاءات الغزيرة، وبتفعيل الحركة الأدبيّة العربيّة في المغترب الأسترالي.
ألبير وهبة
العالـم العربي، 1993
**
بعد قصيدته (لعنة اللـه علينا)، وبعد ندوة رابطة إحياء التراث العربي الأخيرة، تضاربت الأقوال في شعر شربل بعيني، وفي مصادره ومراميه. فقائل بيمنيّته وانهزاميّته، وقائل بيساريّته وثوريّته، وقائل بعدميّته وفوضويّته، وإلى ما شاكل.
الثابت الوحيد، وهو لا شكّ فيه، أن الحرب قد أدمت الشاعر بويلاتها وأهوالها، وربما أصابت به الناس في عيالهم، وأرزاقهم، وأمنهم، وسلامهم، ووحدة وطنهم. ثـم ان الحرب قد أتت أيضاً على ما تبقّى من سعادة بني وطنه، ورغد عيشهم من جهة، وأوصدت الأبواب كليّاً بوجه المغتربين منهم، الذين يودّون العودة حنيناً إلى تراب البلاد، بعد هجرة وتهجير قسريين. والحال هذه، فإن الشاعر أراد أن يكون مرآة عاكسة وحسب لآلام هذا الشعب وعذاباته، فما كان منه إلاّ أن صرخ، وأول ما صرخ: أوقفوا هذه الحرب. وما كان منه إلاّ أن لعن، وأول ما لعن الحرب. وما كان منه إلاّ أن استنكر بشدة، وأول ما استنكر أن يقسّم الوطن ويجزّأ بين قبيلتين أو أكثر.
من هذه الناحية، فإن غضبة شربل بعيني، ودعوته للكف عن الحرب والقتال، غضبة ودعوة إيجابيتان، فليس منّا من دعا إلى الحرب واحتكم للعنف، وليس منّا من ناصر شريعة الغاب، وليس منّا من لا يسعى لوقف هذه المجزرة، بعدما تفاقمت نيران الحرب، وتحوّلت في اتجاهاتها لتصير حرباً طائفيّة بامتياز..
شوقي مسلماني
النهضة، 25 أيلول 1986
**
لسنا نقرظ شربلاً لو قدّمناه على شعراء المهجر عندنا، وهو الأحقّ بالتقديم، لأنه المرهف بأحاسيسه فعلاً، ولأنه الإنسان الذي يواكب مأساة شعبه فيبكي لأحزانه، ويثور ثورة كريم على جلاّديه، ويقول كلمته بأعلى صوته، فلا يخاف لائـماً، ولا يخاف فريسيّاً، ولا يخاف عسكراً، ولا يخاف إلاّ أن يقول بنو وطنه: كنّا نموت جوعاً وويلاً وظلماً، وكان شربل يغضّ طرفاً، وكان مساوماً، وكان صامتاً.
كلمة نقولها، وما تفي شاعر الغربة حقّه، ولكن حقّه علينا أن نقول في شعره ما يجب أن يقال لا ذماً ولا مديحاً، ولكن قولاً نقدّاً يصوّب بوصلته، ويوجّه سيره في الإتجاه الصحيح.
شوقي مسلماني
ندوة رابطة إحياء التراث العربي حول شعر شربل بعيني، 1986
**
لقد وصل به الإدراك مرحلة ما عاد يرى فيها غير أوضاع مترديّة منهارة، يأس ممزوج بالحسرة والسخرية، جعل الشاعر يدعو قومه دعوة صريحة إلى الجنون. كما حمّل الزعماء، على اختلاف نحلهم ومعتقداتهم، مغبّة ما آل إليه الوطن الجريح بسبب أنانيّاتهم وجشعهم اللا محدود، ولذا لـم يجد بدّاً ولا مفرّاً من اتهامهم بالخيانة.
إن شربل في مجانين قد قدّم لنا صوراً للضياع والفراغ والظلم وخيبة الأمل والسخرية، وراح من خلال هذه الصور جميعها، يسرد قصّة المأساة اللبنانيّة، مشيراً إلى نواحي الضعف وقصور الوعي والإنسياق وراء الزعامات الباطلة المضلّلة.
وأخيراً، فإن شربل شاعر ثائر متمرّد جريء، يتفجّر شعره بطاقات جديدة لـم نألفها من قبل، وشعره معاناة شخصيّة صادقة، وهذا ما يعطيه زخماً معبّراً أجمل تعبير. وفّق اللـه شربلاً إنساناً وشاعراً، والشعر نعمة لا يُعطاها إلاّ من يستحقّها".
فؤاد نمّور
ندوة رابطة إحياء التراث العربي حول شعر شربل بعيني، 1986
**
لقد أصبح شربل بعيني ظاهرة مميّزة في مغتربنا بتعدّد دواوينه، في جالية كانت، حتى الأمس القريب، قاحلة أدبيّاً وفكريّاً.
في البداية، كنت أظنّ أن شربل بعيني شاعر عدديّ بين مجموعة كبيرة من ناظمي الشعر الشعبي، الذي نعرفه باسم الزجل اللبناني، ومع مرّ السنين، ومواكبة إنتاجه، تعرّفنا عليه وعلى دنياه الشعريّة الواسعة الشفّافة الضاحكة أحياناً والواجمة الجامدة أحياناً أخرى.
بطرس عنداري
ندوة رابطة إحياء التراث العربي حول شعر شربل بعيني، 1986
**
شربل بعيني شاعر رقيق وحسّاس، أثبت مرّة أخرى، وفي ملبورن بالذّات، أنه طاقة شعريّة فريدة، تجمع الموهبة والعطاء مع لوعة الفراق، وطول الغربة الحرّاقة، التي اكتوى بنارها ملاحم وقصائد ودواوين:
زاهي الزيبق
التلغراف، 29 آب 1986
**
بصوت صافٍ، وبحماس نابع من القلب، قدّم الشاعر الكبير شربل بعيني ندوته الشعريّة التي دعي إليها من قبل الأستاذ كلارك بعيني، يوم الأحد الماضي، وحضرها جمهور من عشّاق الشعر والأدب، ومراسلو الصحف والإعلام، يتقدّمهم سيادة المونسنيور بولس الخوري.
قدّم الأستاذ كلارك شاعرنا الوطني بكلمة شكر فيها كل من كتب أو قرأ عن شربل بعيني (لأن لولاهم لما كان هناك كتاب شربل بعيني بأقلامهم). وقال: (إن اللقب الوحيد الذي يليق بشربل هو لقب الشاعر المكافح، لأن شربل أحب الشعر منذ حداثة سنّه... ولقّب بالشاعر الصغير).
إن هذه الأمسية الشعريّة الجميلة أعادتنا إلى ليالي الشعر والأدب والفن في لبنان، حيث كانت الكلمة تخرج من فـم ناطقها، آنذاك، تحمل في معانيها حبّ الأرض والطبيعة والجمال. لكن هذه المرّة، تحمل بشعر شربل بعيني الأسى والحسرة والحماس على وطن يذوب من قلّة إدراك شعبه، واستسلامهم لمطامع زعمائهم الشخصيّة.
جوزيف قرعان
البيرق، 30 آب 1986
**
إلتقيته للمرّة الأولى في بغداد، في المربد الثامن للشعر، طويل القامة، في بؤبؤيه علامات جرأة أدبية نادرة، صوته عالٍ ليس فيه امتداد، الجملة تأتي شفّافة على شفتيه، وبصلابة يتكلّم، وينتج بسخاء، كأنّه النبي الذي أرسله اللـه إلى شعبٍ، وهو بينهم نذيراً وبشيراً، يعطي دور النقاهة لأولئك المعذّبين في معامل أستراليا، مسحوقين من فرط ضجيج المطرقة والسندان، وضوضاء الآلة، في معامل صناعيّة ضخمة، وهي لا ترحم إطلاقاً، ولا تراعي شعور عاطفة الإنسان، الإنسان، من أي جهة جاء، ومن أي مكان انطلق، وإذا عُدّ الشعراء في أستراليا على أصابع اليد، فشعراء العروبة أقلّ من ذلك بكثير، والشاعر لا يحكم، ولا يعمل بأوامر تصدر إليه، هو الذي يرغم القصيدة أن تخرج من حجالتها، وتعطي قوة، وصلابة، وراحة، لكلّ المعذّبين، لا سيّما عمّال شلحتهم الغربة على سواحلها البعيدة. لا سيّما أستراليا التي التهمت كل المسافات، بعد أن جرّدتهم من اللغة، والتقاليد، والطعام، والعادات. كل شيء لا يشبه لبنان.. من ذلك المنطلق البعيد، صرخ يناغي ويناجي، ويستنجد الطبيعة لا الناس:
خبّيئيني، يا بلادي، تحت شالِكْ
واسكبيني ضوءَ شمسْ
كي أشيل الليل من قلب رجالِكْ
وأقيم كلَّ يوم حفلةً ساهرةً
فوق الحواجز والمعابرْ
وأمام كلّ حبسْ
وعلى وجه الطفولَه
أرسم الحلْمَ المسافرْ
وردةَ حبٍّ خجوله
وأناشيدَ، وهيصاتٍ، وعرسْ..
والشعر عند شربل بعيني، ليس أهزوجة زجل فقط، ولا ذبذبات حفلة فيها روائعه، فهو شاعر، واللغة الزجليّة فيها مسحة من الأصالة، والتجديد، والسمو:
وكنت ع بابِك وقفت سْنينْ
حامل كمنجه وباقة رْياحينْ
تا كيف ما تروحي وتجي ع البيت
غنّي لْعُيونِك أجمل تْلاحينْ
وشربل لا يحتقر نفثات يراعته، وما تنزّ من شفرتيها، يحتفظ بكل شيء، ويقدّمه إلى القارىء الذي يكنّ له كل محبّة ومودة واحترام، وقد جمع كل ذلك في كتب، عليها مسحة من الأصالة، والجودة، والعطاءات الفكريّة الرائعة. وهو إذ يحرّك أقلام المهجريين، يعطينا رسماً آخر، ونكهة أخرى.
وإليكم ثبتاً بقائمة مؤلّفاته: مجانين، الغربة الطويلة، مراهقة، قصائد مبعثرة، إلهي جديد عليكم، مشّي معي، رباعيّات، من خزانة شربل بعيني، كيف أينعت السنابل؟، من كل ذقن شعرة، قصائد ريفيّة، أللـه ونقطة زيت، يضاف إليها ثلاثة أجزاء من شربل بعيني بأقلامهم، لمعدّه الأستاذ كلارك بعيني.
يده تنقل إلينا ما ينسجه عقله، هو المتكىء في مجالس الشعب، ويقهقه على الزمان، وسراجه لا ينضب زيته، ولا تنطفىء فتيلته.
شربل بعيني، يبقى المدماك ، الحجر الذي رفضه البنّاؤون، فأصبح رأس الزاوية، العازف على قيثارته قصائده، ليريح شعباً حذفه الوطن إلى السواحل البعيدة.
أكتب، ففي شعرك عزاءٌ تقطف ثـماره من فردوس الروح.
الأب الدكتور يوسف السعيد
صوت المغترب، العدد 987، 19 أيار 1988
**
إن هذا العالـم لا يغذّيه سوى قلم كاتب أصيل مثلك. فاكتب، ولتكن شجاعتك كشجاعة قدّيس، أو كنبيّ حاولوا طرده من المدينة، أصرّ على البقاء، فرجموه، فكانت دماؤه حبراً أبدياً للخلود.
سنلتقي في المربد لتاسع، وعليك أن تراقب وتراجع دعوتك. هل لي أن أقول لك، مدفوعاً من حبّي وغيرتي والتأمّل في مستقبلك؟. ترى ماذا تكتب؟.. ما ترسم؟.. وكيف تسوح تلك البلاد القصيّة؟.
آمل أن أسمع صوتك، أيّها العزيز مار شربل، قدّيس أستراليا، وطيورها الجميلة.
الأب الدكتور يوسف السعيد
السويد، 5 تموز 1988
**
ـ1ـ
يا شربل.. في بشر عن سوء نيّه
بكسر وفتح لعبوا بالهويّه
الـ فَتَحْهَا قال شاعر مجدليّا
الـ كسرها قال شاعر مجدليِّه
في بنت مراهقه كتابك وجدها
بقلبك عايشه.. وشعرَك عبدها
الصبيّه الـ حبّت الروح وجسدها
ما بدها ناس خلقاني لعددها
ما بتفرق التوبه من الْخطيِّه
ـ2ـ
جمال الحبّ من أللـه وجمالو
وكمال الكون من ضلع اللي شالو
ما بين الغنج والسحر ودلالو
في عندك حبّ مستعبد لحالو
وفي عندك حبّ عبد الجاذبيّه
ـ3ـ
يا شربل.. إنت في قلبي ولساني
زمانك طفل.. يا سابق زماني
المحبّه بذمّة الشاعر أمانه
لا إنت بعصر عايز قيس تاني
ولا بعازه لخوتا عامريّه
ـ4ـ
وبتاني كتاب تفكيرك تخلّى
عن الـ صلاّ.. وما عارف ليش صلاّ
بنقطة زيت.. شعب الـ شاف أللـه
لأللـه بقول: شو خالق حياللّـه
يا رزق أللـه ع عصر الجاهليّه
ـ5ـ
رجعت وشفت لَكْ كتاب تالت
بقلبو شي ألف مجنون فالت
مجانين الدني حكيت وقالت:
أمـم من كبر حظّ العلم زالت
قبل ما يزول حرف الأبجديّه
ـ6ـ
وكتاب الرابع: الغربه الطويله
الهدف من هالمهمّه المستحيله
بشعرك ثور.. والثوره فضيله
الوطن شمشون والحاكـم دليله
وشعب مقصوص بمقص الضحيّه
جان رعد
لبنان، 1989
**
يا شربل الـ بالفكر عم تبقى
بحفلة وداع منطلب نشوفك
منحب نقشع بيننا حبقه
ما بينّكر بالكون معروفك
يا طبقة الـ ما فوقها طبقه
نحنا بسيدني كلنا ضيوفك
ومنريدك بحفلة وداع تكون
ضيفنا تا تكمل الحلقه
زغلول الدامور، لبنان
**
شربل بعيني لـم يضع نقطة الزيت هذه في معادلة مع اللـه كفراً، بل.. إنه منتهى الإيمان. فهذه النقطة قد تكون المنظار الذي من خلاله يتجسّم كل ما يلمسه من حوله من ممارسات وتصرّفات وهرطقات، هي أبعد ما تكون عن مفهومه المصفّى للـه والدين والتعامل والوطنيّة. من هنا تنتفض (الأنا) الشاعرة كأعنف وأقسى ما تكون انتفاضة الإيمان الصادق وثورته على كل ما هو دجل ورياء. وشربل بعيني في انتفاضته الإيمانيّة بركان متفجّر، هو يكاد يجرف في طريقه كلّ شيء.
القصائد الأربع والعشرون التي تضمنّها كتاب أللـه ونقطة زيت، تمتاز بالعفويّة والصدق. فشربل بعيني يكتب بتلقائيّة ملفتة فائقة البراءة وكيف ما أراد، بلا خوف وبلا عقد. فالشعر هو صوته، ضميره، هو هويّته الشخصيّة. شعره تفجّرات علويّة تحمل من الأهداف أكثر ما تحمل من الصنعة، ومن الذكاء أكثر من التذاكي. الكلمة على شفتيه غجريّة مجنونة، تنطلق عارية عرياً كاملاً.. تماماً كالحقيقة.
حنينة ضاهر
الأنوار، 30 أيّار 1989
**
شربل بعيني في أللـه ونقطة زيت هو مصلح اجتماعي، أكثر منه شاعر ينظم الشعر للشعر، على وزن الفن للفن، ولعلّه الوحيد، من بين الذين عرفتهم من جيله، الذي يتعامل مع الشعر على أنه رسالة ومسؤوليّة، يتوجّب عليه القيام بها وتوظيفها لإسعاد أمتّه، وإصلاح مجتمعه. فالشعر، قبل أن يكون أحلاماً وتنهدّات، هو رسالة، وعلى الشاعر تأديتها حتّى آخر نقطة من دمه، وآخر صورة شعريّة تتثاءب في خياله".
حنينة ضاهر
الأنوار، 30 أيّار 1989
**
ويلات الحروب!! من قال؟! إن للحروب بعض الحسنات، وإن نسبياً، إذ لولا هذه الست عشر من السنوات الرماديّة وعواصفها الهوج، التي حملتك إلى الهجرة، أو هجّرتك، لست أدري. لولاها لبقيت في هذا الحيّز الضيّق من الطمأنينة والاسترخاء الذهني المترف، لـم تتوجّع، لـم تشتق، لـم يمزّقك الحنين، لـم يخنقك الكبت، لـم يحدودب ظهرك انحناء، وأنت تلملم أشلاء أحلامك، وبقايا شبابك عن دروب الغربة، لـم يصهرك الألـم بناره المقدسة، ولـم يفجّر عذابك وحنينك هذا البركان الهادر من الشعر والحب والصدق. أظن، بل أؤكّد، أنك لـم تكن أنت الشاعر شربل بعيني، الذي أتمنّى له استمرار العطاء والتألّق.
حنينة ضاهر، لبنان
**
شربل بعيني.. صوت صارخ في بريّة الشعر، منادياً اجعلوا طريقه مستقيمة. مبارك هو شربل الذي هزّ اليوم ألفي شاعر في مربد بغداد الثامن.
الأب الدكتور يوسف السعيد
صدى لبنان، 15/12/1987
**
تمينة وحبيبها ليسا إلاّ شخصاً واحداً هو شربل بعيني نفسه، وكم يشبه الشاعر في قصيدة "كيف أينعت السنابل" جبران خليل جبران في عملية استنطاق أبطاله، فقد يتعدد الاشخاص، من حيث الكم والعدد، ولكنهم ينطقون جميعاً بصوت واحد هو صوت الشاعر أو الكاتب، حتّى قيل أن جبران هو البطل الحقيقي لقصصه.
ميشال حديّد
صدى لبنان، العدد 455، 30 تموز 1985
**
نحن نعتبر شربل بعيني شاعر الوطن في الغربة، مثلما كان شاعر الغربة في الوطن. حنينه دائم لوطنه لبنان، لمجدليّا، للأرز، لكل شيء هناك. شربل إنسان بشعره، الذي يعالج كل المواضيع الإنسانيّة والحياتية والإجتماعيّة.
الدكتور علي بزّي
إذاعة أس بي أس، 1993
**
لقد سئمنا كل هذا، واشتقنا إلى المجانيّة، والقيم، والشعر، والاستعداد الدائم للعطاء دون أي حساب.. وكل هذه قد لمستها فيك، أثناء ترددي عليكم في سيدني، يا شربل. إنك حقّاً نعمة من اللـه أعطيت لمدرسة سيدة لبنان في سيدني! بارك اللـه فيك، وحقّق كل مرغوبات قلبك.
الأم فيرونا زيادة
لبنان في 25 تموز 1988
**
"ينحو الشاعر شربل بعيني في ديوانه الجديد معزوفة حب منحى متطوّراً، في سياق مسيرته الشعريّة الممتدة على مدى عشرين سنة ونيّف. ولئن كان الإستاذ جوزاف بو ملحم اعتبر في مقدّمته (أن الشعر دار دورته الأولى)، إلاّ أن شربل، برأيي، قد تجاوز نفسه في هذا الكتاب، من حيث اللعبة الفنيّة والومضة الشعريّة، بحيث أراه يتسلّق جبل النضارة، مشملاً، مختصراً، معمّقاً تجربته، دقيقاً في اختيار ألفاظه".
فؤاد نعمان الخوري
التلغراف، العدد 1999، 27 تشرين الثاني 1989
**
شربل بعيني الذي أحب ومات وقام وانسحب على المرارة دهراً لا ينتهي.. هو الوعد بالبقاء والإشارة الرافضة لكل الدساتير الملعونة والمتمرّدة على سلالة الأسود العنسي.
شربل بعيني لحظة الوصول حين يقف جلجامش خائفاً من المغامرة.
إنه الإنفلات من دائرة القهر حين يكثر المستزلمون والزاحفون إلى مائدة بيلاطس..
وأن يثور شربل على الظلامية والإرهاب ويطبع كتاباً، تحدٍ وإعلان للقيامة واقتحام جديد للمستقبل.
أن يمرّ شربل بعيني في موّال الكتابة دعوة إلى البقاء حين يريد أحفاد هولاكو أن ينسفوا جسور الحريّة، ويلغموا الشمس بالحقد الأسود.
مبارك الآتي باسم شربل بعيني.. ومباركة ثـمرة شربل بعيني معزوفة حب ومبارك الشعر".
الدكتور جميل الدويهي
صوت المغترب، العدد 1056، 22 تشرين الثاني 1989
**
أما ما اتفق على تسميته بأدب أو شعر مناسبات، فهو مجرّد ألفاظ بغير روح، مجرّد مدح أو هجاء أو تزلّف أو حقد، ما أن يخرج من فـم الأديب أو الشاعر حتى يتلاشى مع موجات الأثير.
قدوم فيروز إلى أستراليا كان مناسبة معيّنة، لكن خيال الشاعر شربل بعيني جعل منها مناسبة وطنيّة للدعوة إلى وحدة لبنان الممزّق المشلّع، وأدرك أنه لـم يبق من وحدة هذا البلد سوى فيروز، فقال رائعته: فيروز كوني أمّنا.
وتأتي باسكال صقر.. وهذه مناسبة محدّدة أيضاً، لكن خيال الشاعر شربل بعيني جعل منها "وطناً واقفاً على المسرح". وأظنّ أن هذه العبارة ستذهب مضرب مثل يقال لكل فنّان أو فنّانة يعكسان آلام الوطن وعذابه، إن بالصوت أو بالقول، وقد اصطاد الأستاذ جوزاف بو ملحم بحسّه الصحفي المرهف هذا البيت وجعله عنوان تغطية تلك الأمسية.
تباركت مثل هذه المناسبات التي تعطينا مثل هذا الأدب، وليخرس النابحون الذين يتلطّون وراء عبارات "شعر المناسبات".
صدى لبنان، العدد 589، 29 آذار 1988
**
شربل بعيني الذي لا تهمّه الحواجز والصعوبات يؤكّد بأن سلطان الحبّ أكبر قوة في الأرض، لا يستطيع أحد أن يقف قصاده، وهو الدين الحقيقي الذي يوحّد الشعوب، ويجمع ما بين القلوب.
جوزيف خوري
البيرق، العدد 828، 7 تموز 1994
**
عرفتُهُ شاعراً.. ما كان يوماً
سوى البركان في الحقد الدفينِ
عرفتُهُ شاعراً.. غنَّى فأغنى
وهزَّ الأرضَ في شعرٍ متينِ
فَيَا أَمْواجُ هاتيهِ إِلَيْنا
وإلاَّ أَسرِعي ولَهُ خذيني
عروس الكرم قد تاقت إليهِ
تسائلني، أجاوبُها: دَعيني
أخافُ الشعر يُخجلُني فَهَيّا
أَعيني الشاعرَ المضنى أعيني
ولا تنسَيْ غداً، إِنْ عادَ، غَنِّي
فشاعرُ أُمَّتِي شربل بُعَيْني
مفيد نبزو ومحفوض جرّوج
محردة، سوريا، 1988
**
يا مجدليّا.. الشاعر بحضنك رِبِي
تفتَّق شعر عَ شْفايفُو.. وبعدو صبي
الشين.. شاعر عانق نجوم السّما
والراء.. ربّان الشعر والموهبِه
والباء.. باني صرح للشعر الندي
وطار الشعر لفوق أعلى مرتبه
واللام.. ليل السهر بمْواسم شقا
يفرّق غْناني حدّ هاك المصطبه
والباء.. باني الحقّ تا يركّع ظلـم
والعين.. عرّاب الأرز.. قومي اخطبي
والياء.. ينبوع العيون الظامئة
الـ قللاّ: تعي من شعر وجداني اشربي
والنون.. ناقوس الهجر تا يرجعوا
يصلّوا سوا بلبنان.. لبنان الأبي
والياء.. يعمي الحقد.. يحرق هَـ الوحوش
يفقي بمخلب حرّ .. عينين الغبي
مفيد نبزو ومحفوض جرّوج
صدى لبنان، العدد 686، 1990
**
كل من يسافر على أمواج الشاعر المهجري الأستاذ شربل بعيني، لا بد أن يلمح هذه القضايا التي شغلت حيزاً كبيراً في شعره. ففي سفينته الشعريّة مرساة بانتظار شاطىء الوطن، وحمامة بانتظار السلام للوطن، ووردة تنتظر لحظة زفافها للحب.
إنه الشعر، لغة اللـه على الأرض. إنه الشاعر الذي يقف أمام اللـه وجهاً لوجه، وينقل إلينا منه الكلمة التي كأنها في البدء، وكل شيء به كان، وبغيره لـم يكن شيء مما كان، فهل سمعته يرتّل صلاته للـه؟.. إنها صلاة حبّه.
مفيد نبزو ومحفوض جرّوج
صدى لبنان، العدد 616، 4/10/1988
**
أشربلُ قد عرفنا اليوم شاعرْ
يذيبُ الحرفَ من وجع المشاعرْ
وينسج حلمه المجدول سحراً
ليزهو في العيون وفي الضمائرْ
عرفنا اليوم حسّوناً جديداً
يحنّ إلى الحدائق والأزاهرْ
فرتِّلْ يا سخيَّ الشِّعر لحناً
فإنَّ الهجر يحرق كالمجامرْ
وزفَّ الحبَّ أمنية الأماني
لأنَّ الفجر في شفتيك ساحرْ
أما أهديتَ للإنسان نوراً
فأمسى النورُ في الدنيا منائرْ؟
أما أهديتَ للإيمان ورداً
وأطياراً تزفّ لنا البشائرْ؟
فأينعت السنابلُ وهي شعرٌ
جميلٌ.. أين عصفورُ البيادرْ؟
أشربلُ.. يا نديَّ الشعر رتِّلْ
على سحر الهوى بصلاةِ شاعرْ
فإن الشعر يخفقُ في ضلوعي
وينشده الفؤادُ من الحناجرْ
فهاتِ الشعرَ فخراً واعتزازاً
وفاخِرْ بالهوى والشِّعر فاخِرْ
أما هاجرتَ من بلد الأماني
ورحتَ تجوب في الدنيا مغامرْ؟
فذقتَ من العذابِ المرِّ مرّاً
وصرتَ ولـم تزلْ في الهجر حائرْ
فهاتِ الشعرَ بالأشواق يهفو
إلى لبنانَ.. أو أمِّ الضفائرْ
وهاتِ الشعرَ أصدقُه حنيناً
فما عَرَفَ الهوى صدقَ المهاجر.
مفيد نبزو ومحفوض جروج
محردة، سوريا، 1989
**
"وجدت فيك شاعراً حرّاً طليقاً تعشقه النجوم..
هزاراً صدّاحاً بنغمات لا تعرف الأسى والمذلّة،
تنثر في كلّ مكان منثوراً وفلاًّ،
تزرع الأشواق في الطريق أمنيات..
قامةً طويلة تعانق الغيم والنجوم،
تستعذب لذّة النجوى وزهو الاكتشاف..
عيناً تحدّق في الظلمات،
تنزع من الليل المحمول على الأكتاف فجراً..
زهرةً تفتّحت بين أيدينا، فأحالتها شمساً من نضار..
أرزةً شامخة نبتت في صحراء الغربة..
ومضةً مزّقت عين السماء الضريرة..
سيفاً لا يُغمدُ، وفارساً في كلّ ساح..
صوتاً من نار، عن الحقّ يدافع..
شعاعاً يبدّد البرد الجامد في الأطراف،
فيتفتّح الدفء زهرة في أعماقها..
نسمةً هبّت على الجذور الجدباء، فسرى النسغ في أحشائها..
جدولاً روى شجرة الشعر، فغدا جمالها يبهر العيون بوارف ظلالها..
ملجأً تأوي إليه الطيور لتحتمي من ريح غدّارة..
كتاباً يقول الحقيقة، كلماته ثائرة النبرة حرّة..
سحابةَ خير أمطرت، ففجّرت الينابيع في البيداء..
مرفأً ترسو فيه سفن الأرواح الظامئة للحب والجمال..
جسرَ العابرين إلى ضفاف غدٍ وضّاء..
هل أنت كلّ هذا؟
نعم، يا عطراً يطلّ على القصائد..
إنّك شاعرٌ.. والشاعر هديّة السماء للبشر".
مفيد نبزو ومحفوض جرّوج
البيرق، العدد 149، 16/6/1990
**
"هَـ الروح الثوريّة اللي عند شربل، مش بس فيها ثورة، فيها طفولة عم تعمل ثورة، يعني، حلو الولد الزغير بصدقو وببراءتو يقلّك: بدّي هبِّط يللّي تعمّر غلط. مش عم يتملعن بالثورة. ثورتو فيها براءة طفل، صحيح عم بيقول الحقيقة".
رفيق روحانا
إذاعة الإذاعة، لبنان.
**
"متل ما طلع شربل من الضيعة، بدنا ياه يرجع ع الضيعة، ولو كانت أستراليا بدّا تزهّرلو رملاتا دهب، لازم شربل يرجع، مطرحو هون، والشعر الْـ عم يكتبو ما بيكون فيه جمال وقوةّ إلاّ إذا نبت بأرض مجدليا".
رفيق روحانا
إذاعة الإذاعة، لبنان.
**
إن ديوان كيف أينعت السنابل؟، هو في الحقيقة، مشهد فذّ فريد.. بناء شاهق عريق.. عطاء فكري متواصل، مفعم بالوطنيّة والاحساس الصادق والبعد القومي الشامل.. طرح موضوعي رصين.. شاعريّة جذّابة.. أسلوب سلس، عذب المنطق والعبارات.. إنه نتاج ضخم.
أحمد موسى شاكر العمران
الأردن، 1988
**
الصداقَه تعزيه وبلسم بيداوي
جروح النفس من كلّ المساوي
وإذا بتكون مع شربل بعيني
بتهزم للأبد كل العداوِه".
إبراهيم سعد، سيدني
**
شربل الصغير، الذي كان يكتب الشعر على عيون مجدليّا، وخلف دير مار الياس، وتحت كينة الكنيسة، وأمام دكّانة خرستين.
شربل المراهق الذي نظم لعينيّ كل فتاة مجدلاويّة، وكلّهن جميلات، شعراً.
شربل الشاعر، الذي زيّن بيوتات مجدليّا بديوانيْ مراهقة و قصائد مبعثرة.
شربل الذي سار هذه الدرب الطويلة بين مجدليّا وسيدني، أصبح اليوم (شاعر المهجر الأول)، يوقظ الضمائر، يستلّ سيف الحقّ، ويشهره بوجه تجّار الوطن، يخطّ تيّاراً جديداً، ويخلق نهضة أدبيّة وفكريّة، ويصبح بذلك (سفيراً فوق العادة). فهو يحمل الوطن للمغتربين، ويحمل أستراليا، بلاد الإغتراب، إلى الوطن الأم لبنان.
كل المواعيد تحقّقت بك يا صديقي، وهنيئاً لمجدليّا يرفع إسم مجدها عالياً إبنها البار شربل سركيس بعيني.
كنت أتمنّى أن أحصل على مؤلّفاتك كلّها، لتكتمل مجموعتي، ويزداد بك فخري واعتزازي. فديوانيْ مراهقة و قصائد مبعثرة احترقا مع ما احترق من مكتبتي ومكتبة والدي القيّمة، يوم أحرق بيتنا في 27 آذار 1976.
ومؤلفاتك في بلاد المهجر لـم يصلني منها سوى: الغربة الطويلة، مجانين، من كل ذقن شعرة، ومن خزانة شربل بعيني. وقد تهافت أهل البيت على قراءتها بدءاً بوالدتي، التي تسألني كل يوم: هل كتبت إلى شربل؟.. هل أهديته سلامي؟.. هل قلت له إنني أصلّي كي أراه في الوطن قبل أن أموت؟.. ومروراً بأولاد أخي الصغار منهم والكبار.
أجمل ما في كتاباتك، أنك تقطف من كل البساتين أجمل الباقات وأحلى الزهور.
تتنقّل ما بين الشعر اللبناني المرهف، والشعر العربي الفصيح، والنثر الساخر، والقصيدة الحديثة، وتبدع في كل نوع تتناوله.
لا أعلم.. هل صدر لك حديثاً شيء جديد؟ أكون لك شاكرة إن زوّدتني به.
شكراً لكلارك بعيني الذي أثبت فعلاً أنه أديب مرهف، إذ جمع لك كل ما قيل عنك، وأتحفنا بكتاب قد يكون فريداً من نوعه. هل صدر رقم ـ2ـ.
أنا مشتاقة إلى أخباركم الأدبيّة والإجتماعيّة، لا تبخلوا بها عليّ. أتمنى لو أحصل دوماً حتى على المقالات التي تنشرها في الصحف هناك.
لا أدري في النهاية، هل أقول: تبّاً للغربة التي سلبتنا الشاعر؟ أم: شكراً للغربة التي بلورت موهبتك الشعريّة، وجعلت منك (شاعر المهجر الأول)؟".
سوزان بعيني، لبنان
**
يا شاعر قريتي، يا شاعر لبنان..
سنة جديدة تتهيّأ لاستقبال الأيّام، وشبح الحرب يبتعد عن لبنان إلى غير رجعة، إن شاء اللـه.
على عتبة السنة 1992، هل تجوز لنا الأمنيات من جديد؟!
هل يعود إلينا الحلم؟!
هل يمكننا، بعد، الترجّي؟!
أمنيتي أن يعود السلام إلى وطني.
حلمي أن يعود أبناء وطني إلى وطني.
أمّا رجائي، فهو أن أرى وجهك من جديد يملأ شوارع قريتي، بعد أن شرّدتك الحرب في دروب الغربة.
أن أرى بيتك الصغير المهجور يفتح أبوابه للراحة والدفء، ويفتح نوافذه العتيقة، فيشع منها النور من جديد.
هل تحمل السنة الجديدة وعداً للأمنيات القديمة؟".
سوزان بعيني، لبنان
**
شربل بعيني قام بمحاولة جيّدة في مناجاة علي، حيث أخذ الزجل ليحتكّ بقضايا جديدة من الفلسفة والمصير والكون.. هذه الخطوة بحد ذاتها مباركة.
فؤاد نعمان الخوري
صوت المغترب، العدد 1952، 31/10/1991
**
أحب شعر الزجل، وأحفظ بعضه وأرويه، لكنّي، وأعترف، لست من مؤيّديه، والأصحّ من مؤيّدي نشره بكتب، لينوب عن الفصحى، ويحلّ محلّها.
وقد تكون هذه المحاولات عند بعضهم بريئة، ولكنّها عند البعض الآخر ليست كذلك..
وسعيد عقل أعلن، ويعلن باستمرار، أن رسالته في الحياة، هي أن تحلّ العاميّة محلّ الفصحى في لبنان.
ولو لـم يكن للبنان رسالته العربية والأدبيّة الخالدة خلود الدهر، لكانت صيحة سعيد عقل قد لاقت صداها الإيجابي عند بعض اللبنانيين.
ولكن الواقع اللبناني، والروح القومي الرفيع في لبنان، هما أسمى من أن يؤثّر عليهما داعٍ للإنعزاليّة، وعامل لها، ومستميت في سبيلها.
وتلطّف أديبنا الكبير الأستاذ نعمان حرب، وأهداني ديوان شعر للشاعر شربل بعيني، وعنوانه مناجاة علي، وحينما بدأت بقراءته، نسيت نفسي ووقتي، واندفعت به حتّى أتمتته.
الشعر هو وليد الشعور، وهو ليس وقفاً على قافية ووزن، بل إن له منطلقه في أي رحاب وأي مجال.
وديوان الشاعر بعيني هو شعر حقاً، بصرف النظر عن لونه باللغة العاميّة، وليست الفصحى.
ولا أحب أن أعود لتكرار ما قلته عن معارضتي الكتابة بغير الفصحى، ولكنّي أحب أن أؤكد بأن أي شعر فصيح لا يمكن أن يسمو على شعور هذا الشاعر باللغة العاميّة.
أفكار متتابعة، وصور متسلسلة، وتعبير عن المشاعر: رقيق عذب حلو..
الإمام علي بن أبي طالب دنيا من المكرمات والطيبة والبلاغة، التي لـم يعرف التاريخ العربي مثيلاً لها، لا قبل ولا بعد، كما يعترف بذلك كافة المستشرقين، وسائر المنصفين.
وإذا كانت السياسة، في الزمن القديم، قد حاولت الحدّ من شهرته، والغضّ من قيمته، فإن الجوهر يظلّ جوهراً، ولو علاه التراب، ومتى يزال عنه، يبدو أكثر نضارة وأشد لمعاناً وإشراقاً. وقد قال الفيلسوف والبحّاثة الكبير جبران خليل جبران: (لقد جهل العرب قدر الإمام علي بن أبي طالب، حتى قام بين جيرانهم الفرس قوم يفرقون بين الجوهر والحصى).
من أروع، ولعل أروع ما كتب عن علي بن أبي طالب، هو ما كتبه الكاتب الكبير جورج جرداق، وما أحسب أن في المكتبة العربيّة ما هو أبدع من هذا الكتاب ولا أسمى، لا من حيث موضوعه، وإنما من حيث تناول الموضوع، وكيفية معالجته، والأسلوب الشيّق البليغ الذي كتب به.
ولقد عرف الشاعر شربل بعيني هذه الحقيقة وآمن بها، فأهدى ديوان شعره هذا إلى الأستاذ جورج جرداق، وقال في عبارة الإهداء القصيرة المعبّرة: (إلى الأديب العربي الكبير جورج جرداق، الذي غنّى عليّ بن أبي طالب، صوت العدالة الإنسانيّة، كما لـم يغنّه أحد من قبل).
إنّها عبارة معبرة ومؤثرة، تشير إلى مدى تأثّر شاعرنا بكلمة حقّ تقال، وببيان رائع عذب، وقفه جرداق لخدمة الحقيقة ومواكبتها والدفاع عنها.
ما أشد حاجتنا إلى كتّاب نزيهين منصفين، يرتفعون فوق أي مستوى، ليندغموا بالمثل الأعلى الذي خلقوا منه، وتصبح أقلامهم جزءاً منه.
ويوم نصل إلى هذا المستوى، نصير ناساً كالناس، ولا أقول: فوق الناس، ومعاذ اللـه أن أقول!
تحيّة إلى الشاعر شربل بعيني، وإلى روح نسيبه يوسف البعيني، الذي عرفته في البرازيل، وقد تلطّف وخلّدني بما كتبه عنّي في مجلّة العصبة الأندلسيّة، والذي سيبقى ذكره معي ما بقيت، ويحيا ما حييت.
ومزيداً من العطاءات والإبداع، أيها الشاعر المحلّق المبدع شربل، فمثلك وحده يعمل لوحدة أمته، ويسعى لرفع الحواجز من بينها، وإعطاء فكرة خيّرة نبيلة عنها.
أنت وجرداق وجورج زيدان قد دخلتم التاريخ من أوسع أبوابه، وخلّدتـم في محرابه، فمرحى، ثـم مرحى.
الدكتور عبد اللطيف اليونس
الثقافة السوريّة، 9 أيار 1992
**
رباعيّات.. شعر حلوٌ لشاعر عتيق أعطى الشعر الإغترابي اللبناني لمسات أدبيّة مميّزة، وأغنى المكتبة الشعريّة الإغترابيّة من نفحات قلبه.
سبح في بحور العشق والحبّ، فصوّر الأحاسيس الإنسانيّة من خلال معاناته الشخصيّة.
أعطى إحساساته بعداً ربّانيّاً، وأشرك البعيد الآتي من السماء في تصوّراته الشعريّة، وكأني به يريد من شعره أن يكون صلاة في معبد يتلوها كلّما تاق إلى مناجاة حبيبته.
ولكن مع وجدانياته وحلاوتها الشعرية، نرى له جولات وصولات في الوطنيّة، فينتفض للوطن الجريح، وطن الإنسان والشهادة. ويعطي من قلبه ووجدانه عنفوانَ مجد، وصرخاتِ بطولة، وتحدياً للغاصبين.
هذه الصرخات الوطنيّة ليست بغريبة على شربل بعيني، فالوطنيّة والوجدانية والإنسانيّة هي من خصائص الإبداع الذي يتحلّى به. فلا عجب إن رأينا رباعيات تثور على الثورة، وتصنع من الحب محبّة، ومن الرفض والعنفوان سياجاً للوطنيّة.. وجميعها تصب في خانة شاعر إنسان، جعل من الشعر صلاة حبّ ووطنيّة، ومنبراً لأحاسيس البشريّة. ذلك هو شربل بعيني.
ألبير زعيتر، 1983
**
صدر حديثاً عن مطابع دار الثقافة كتاب شعري باللغة اللبنانيّة ـ طبعة ثانية ـ بعنوان رباعيّات للشاعر شربل بعيني.
تتميّز القصائد في هذا الكتاب بقصر قاماتها، هذا إذا كان الشعر يقاس بالأشبار والأمتار، كما يقيس البعض إنسان اليوم.
شربل بعيني المعروف بطول نفسه الشعري، يبدو في رباعيّاته قصير النفس. يأتي كالومض، ويمضي كالبرق، كأنه يطارد أحواله وشتاته وتمزقاته. الوقت هو المساحة الشعرية. والوقت هنا يسابق بعضه بعضاً، ويتكثّف طبقات من أوتار وأعصاب مشدودة إلى الآخر".
"رباعيات ـ طبعة ثانية ـ كتاب أنيق وجميل من حيث الشكل وطريقة توزيع القصائد، وتجربة شعريّة غنيّة من حيث التجديد الشعري معنى ومبنى وصورة وكلمة.
والطبعة الثانية حملت إلينا إضافات شعريّة جديدة، وغيّبت بعض القديم. لقد أصبحنا نحب شربل بعيني ككل، لا كأجزاء ومحطّات، فقديم شعره عتبة لجديد شعره، كما جدّد شعره اختمار قديمه.
ميشال حديّد
صدى لبنان، العدد 521، 11/11/1986
**
مثله مثل الكثيرين الذين غادروا لبنان إلى بلاد الإغتراب سعياً وراء لقمة العيش، حاملين معهم آمال محطّمة ووجع الغربة، ولكن..
هكذا الشاعر شربل بعيني غادر بلاده إلى أستراليا، وحلّ هناك ضمن الجالية اللبنانية العريقة، التي حملت معها من لبنان، كل لبنان، التقاليد، العادات، الأعياد، حتى أسماء الشوارع والقرى.
والشاعر شربل بعيني اغترب وحمل معه، إضافة إلى ما ذكرت، الشعر الشعبي اللبناني، وهو الذي له في هذا الميدان الشعري الباع الطويل، والذي ساهم بقوة في تحريك عجلة الشعر الشعبي في أستراليا، ربما أكثر من غيره، فهو الشاعر الذي له أكثر من عشرة دواوين بالشعر الشعبي اللبناني.
ومن بين كتبه العشرة، اخترنا اليوم كتاب رباعيات، 126 صفحة، حجم عادي، مزدان برسوم للفنّان المهجري ميشال رزق.
يقول الأستاذ موريس عبيد في تقديم رباعيات: "فشربل بعيني هذا الشاعر الإنسان، الغزير العطاء، المرهف الحسّ، شاءه اللـه أن يكون المترجم الأدبي، والناقل الصادق، روعة كونه الصغير إلى المجتمع الذي ترعرع وعاش في صميمه". خاتماً بقوله: "رباعيّاته تمتاز بالجرأة، وتتناول جوانب الحياة بعنفوان وكبر".
كِرْمال عَيْنِك بَسّ يا بْلادي
زْرَعت بِالغُربِه شِعْر وِزْهورْ
وْضِلَّيت طول الوَقْت عَمْ نادي:
يْدُوم عِزِّكْ.. وِالقَلْب مَقْهورْ
بهذا المقطع يبدأ شربل بعيني رباعيّاته، التي كتبها وهو بعيد عن وطنه لبنان، والتي تبيّن لنا التصاقه بوطنه، وتعلّقه بأرضه الطيّبة، حيث تقرأ له في مكان آخر:
عْلَوَّاهْ لَوْ فِيِّي يَا ضَيْعِتْنَا
رَكِّبْ جْنَاحْ.. وْطِيرْ بِالْعَالِي
تَا غِطّ غَطَّه عَ سْطَيْحِتْنَا
وْزُورْ كَرْمِي الْـ زَارْعُو دْوَالِي
وبلحظة من لحظات الرجوع إلى الذات، يتذكّر الشاعر شربل بعيني يوم انسلخ عن أرضه الطيّبة مختاراً الغربة ليقول وهو يسمع، ويعاني مما وصل إليه الشعب اللبناني متسائلاً:
لَيْش صِرْنا بْهَالدِّنِي مْسَبِّه
وِتْشَرْشَحِتْ بِالْكَوْن قِيمِتْنَا؟
وْلَيْش انْسَلَخْنَا عَنْ أَرْض خِصْبِه
وْجِينَا انْزَرَعْنَا بْأَرْض غُرْبِتنا؟
رباعيات شربل بعيني غنيّة بالصور الشعريّة، فهذا الشاعر تدرّج برباعيّاته من الوطنيّات، إلى الوجدانيّات، إلى الحب، الذي أعطاه القسم الوافر من رباعياته، فبعد أن نراه شاعراً متمرّداً بـ:
تَا نْكُونْ أَقْوَى مْنِ الرِّيَاح الْعَاتْيِه
الْـ حَصْدِتْ سَنَابِلْنَا اللِّي بَعْدَا خُضْرْ
لازِمْ نْقَاوِم هَـ العادات الْبَالْيِه
وْعَ كِلّ مَفْرَق دَرْبْ نِزْرَعْ شِعْرْ
نعود ونراه مستعطفاً حبيبته عدم الرحيل، وهو الشاعر الأعزب الباقي إلى الآن:
إنتي الطُّهْر إِنْتي.. يَا شَمْعَه بْدَيْرْ
يَا زَنْبَقَه الْـ غَار الزَّهر مِنِّكْ
طَلّتِكْ كَانِت سَعادِه وْخَيْرْ
لا تِرْحَلِي.. مَا لِي غِنَى عَنِّكْ
وبعد.. شربل بعيني، الشاعر المغترب، صاحب العشرة دواوين شعر، جال بكتابه رباعيّات على مجموعة مواضيع متعدّدة، سكبها بقالب شعري مميّز، وكأنّي بهذا الشاعر الملهم، أراد برباعياته أن يفرغ ما في جعبته من مواضيع في كتاب واحد، باحثاً بالإنسان، الأرض، الطبيعة، الإغتراب، الحب.
ونقلب الصفحة الأخيرة من كتاب رباعيّات، فنقرأ للأديب جوزيف بو ملحم، يختم هذه الرباعيّات، ويقول معرفاً عن الشاعر: (عندما يقال شربل بعيني في أستراليا، يعرف الجميع أن الشعر هو بيت القصيد. فشربل والشعر توأمان في هذه البلاد، حتى أصبح تجنيّاً ذكر أحدهما دون الآخر.
خسة عشر عاماً في المهجر، وعشرة دواوين شعر، وكتابان مدرسيّان، وسيرة حياة. هذا هو شربل بعيني، وكفى).
روبير خوري
صوت الشاعر، لبنان
**
بين أنفاس هذه الغربة يغنّي شاعر لبناني أناشيد الحب والجوى، يعزف ألحان السفر وترانيم الجداول، يعتصر قلبه أسى، يكتوي بنار الصبابة، يكابد اللوعة والبعد عن الأهل والوطن. إنه الشاعر شربل بعيني، حامل قيثارة الحبّ المتجدّد وراء البحار، يبثّها شوقه اللاهب، وحنينه المشتعل إلى مراتع الطفولة، وملاعب الصبا، إلى الأرض التي حبا عليها فتنشّق نسيمات الحريّة مع هوائها، وتلقّى المبادىء والفضائل القويمة، فتربّى على السماحة والمثل، وازداد تشبّثاً بأرض الوطن، يرفض التخلّي عنها، ولكنّ التجارب المرّة، وسنين المحنة العجاف، وما خلّفته من واقع مشؤوم مشوب بالقلق والحذر والضياع، دفعت بشاعرنا إلى مغادرة قريته مجدليا الهادئة الساكنة في جبين الساحل المشرق شمالي لبنان. تلك القرية التي أنس إلى موسيقى أوراق أشجارها الوارفة، فكتب تحت ظلالها أولى قصائده، معبّراً فيها عن باكورة التجارب في حياته، لكنّه تركها مرغماً فغدا كطائرٍ يجوب الآفاق بحثاً عن الصفاء والسكينة، فكانت أستراليا محطّته البارزة، وفي تلك الأصقاع استقرّ شاعرنا، ولكنّ باله لـم يهدأ، فظلّ الحنين يشدّه إلى الأهل والوطن، فتتجدّد الذكريات، وتتفجّر ألماً، ويدوب قلب شربل على الشاطىء، وهو ينتظر سفينة العودة لتنقله إلى لبنان، ويسيل قلبه شعراً متدفّقاً يتلظّى بنار الحبّ، يترك صداه في قلب الشاعر من خلال مجموعة من الدواوين الشعريّة نظمها في بلاد الإغتراب، شعبيّة الطابع، واقعيّة الإتجاه بموضوعاتها اليوميّة، وهي تعتبر بحقّ نواة الشعر العامي لما فيها من خروج على قيود الشعر العاديّة، وقد نوّه بها الدكتور عصام حدّاد، صاحب ومؤسس معهد الأبجديّة في جبيل، في أكثر لقاءاته الشعريّة والأدبيّة، فاعتبرها محاولة جديدة في عالـم الشعر، قام بها الشاعر بعيني بهدف إرساء قواعد الأدب المهجري في أستراليا، بلغة عاميّة سهلة، لبنانيّة الأصل، تحمل كل معاني النغم والرقّة واللطافة التي تشيع في النفس موسيقة صاخبة.
الدكتور جورج مارون
الأنوار، 16 أيلول 1994
**
"أخيراً يمكن القول أن شربل بعيني شاعر الحبّ المتجدّد، حبّ مخضّب بدموع التجربة، وألوان الغربة والمعاناة، استطاع أن يصفّي الذات ليصهرها بشموليّة الوجود. حمل في قلبه حبّ الوطن والإيمان بأرضه وشعبه، فهو إن أحبّ كان حبّه صادقاً مخلصاً، وإن غنّى الشعر نفحه في قيثارة عذبة، تنفث الكلمات الرشيقة والمعاني اللذيذة في أسلوب جديد يجعله في مصاف الشعراء الذين يحاولون إرساء قواعد مدرسة جديدة في صياغة الديباجة الفنيّة للشعر العربي في بلاد الإغتراب".
الدكتور جورج مارون
الأنوار، 16 أيلول 1994
**
فاهنأنْ يا شربل في مدح حقٍّ
فزت في دنياك في أحلى وسامِ
ودخلتَ البابَ من مدخل صدقٍ
مؤمناً في الحقّ.. في ذاك المقامِ
فتحيّاتي على شعرٍ رقيقٍ
يملأ الآفاقَ من وحي الكرامِ
إسحق العشّي
البيرق، 1991
**
"مزامير شربل بعيني في مناجاته لعلي، أورقت في النفوس حضوراً شعرياً جديداً، وفضوليّة، وتطلّعاً نحو الوجه الآخر من عملة الشعر، وجه الشاعر أمام ذاته، قبل أن يكون أمام الآخرين".
أنطوان قزّي
التلغراف، 1991
**
"رائعة.. تؤكّد أن إبن مجدليّا في مناجاة عليّ شاعر ثوري محلّق. في مسيحيّته الخلاّقة انتفاضة على خرافة الإنعزاليّة المريضة، وفي إيمانه النبيل دعوة حقيقيّة إلى تسبيح اللـه، واتباع هدى الأنبياء والأولياء المجلّين".
ألبير كرم
صوت المغترب، 1991
**
ومن دراسة مطوّلة كان قد نشرها الأستاذ عصمت الأيّوبي في جريدة البيرق على حلقات، أختار ما يلي:
"إنّ مناجاة شربل بعيني يجب أن ينظر إليها في إطار مناجاة الدكتور البستاني، وفي إطار مناجاة الدكتور الصالح، وفي إطار مناجاة الدكتور جبر، وفي إطار القمم الروحيّة التي يعقدها رجال ديننا الأجلاّء في أستراليا، وأي مكان آخر، على أنها عمل بنّاء للمسيحيّة وللإسلام على حدّ سواء، ومجلبة لسعادة المسلمين والمسحيين دون تمييز".
عصمت الأيّوبي
البيرق، 1991
**
"شاعر ذو عمق بعيد ورؤيا، يقدّم لنا فلسفات شرقيّة ـ غربيّة، بصور صادقة، ومنهج مخلص. إن شربل قد تمثّل بمقولة محمّد (إن مداد العالـم لأقدس من دم الشهيد). إنه شاعر ستسمع أستراليا والعالـم المزيد منه وعنه".
مايكل هولينغورث
مقدمة الطبعة الإنكليزيّة لمناجاة علي.
**
بالفضّة شربل مجبول
من كعبو لقمّة راسو
ويلّلي شافوا صار يقول
مِقياس التّاج.. قياسو
بيسوى لندن واسطنبولْ
بيسوى القصر وحراسو
شاعر.. شعرو ع الأصول
بدموع الغربة قاسو
مسؤول.. وشعرو مسؤول
غنّى الحرف بإحساسو
من كتبو.. لو تقرا فصول
بتسمع رنّة أجراسو
بارك كلماتو الرسول
وموسى قدملو عصاتو
والمسيح نخّ وباسو
الياس قدّور ـ مالبورن
**
شربل بعيني .. رجل له حضوره ..
كاتب متميز بعيد عن العدائية والغوغائية
يجده بعض الشباب قريبا من نفوسهم
في الوقت الذي ضاع الكثيرون في زخم الكلمات والصحافة ...
منى محمد
مدونة عشتار ـ ايلاف

**
يقال في القانون أنه لا تقبل شهادة أهل البيت، لكن لو كان القارئ في مكاني، حين اقترب القلب من ذاك البستان اللبناني الذي اخترقته سهام عيني المسافة واخترقت حصاده الشعري كقذحة القوس .
ألا يحق لأصابعي أن تكتب عن شجرة أرز خلعت من أرضها، لتعاود زرع جيناتها في المنفى البعيد، بين موجات أرواح الشعر، ليظل الصوت اخضر كشذرات تبحث عن بعضها البعض ليكتمل الضوء بهما في عتمة الاغتراب عاشقين يكللهما سراً يعانق المحسوس، ويعبر الشاعر عن ذاته ليكتشف غربته الساخنة فوق أجنحته المحلقة على أوراقه المجروحة، كما فعل الشاعر والأديب اللبناني المهاجر" شربل بعيني"؟ حيث فتح أبواب خزانات ثروته الشعرية ورفع صوته في قصائده لينسج بين حبه للوطن وذاته بصراخ اعتقد الشاعر انه وصل السماء، وانزل عليه الرب الإله خاصاً به يحاوره / يحاكيه/ يبكيه كالطفل/ ويحتضنه كأزهار بستانه الشعري .
أن قصائد شربل تفوح بعطر الزمان الماضي، الأقرب إلى الأجواء الريفية اللبنانية، التي ما زالت تنثر روائحها على نصوصه الحنينية طوال الوقت ليعكس رثاء الماضي ويتكلم عنه كنوع من الأسى على فقدانه حين يقارنه بالحاضر . لذلك هو ينتقد جميع ممثلي الحاضر الذي يرى أنهم مسؤولون عن هدم هذا الماضي الجميل، كما نرى في نصوصه التي تحمل الرثاء الطويل لماضي لبنان .
هدلا القصّار ـ معظم المواقع الالكترونية
**
العزيز شربل بعيني
أوّلا ، أتقدّم منك بأسمى عبارات الشّكر والإمتنان لما تبذله من جهد وسعي لخدمة الأدب والإبداع.
وآخر آثارك فينا - مجلّة ليلى الإلكترونية- لا أقول موقع ليلى لأنّ ما أنجزت خالد كالورق، وأكثر.
أحبّك أيّها الإنسان الرّائع، وأحبّ نصّك، وأستشعر مرح قلبك واتّساعه، ولو كان للغريب أن يكتّف غربته، لكتّفتها ببعض حضورك في قلبي.
طوبى لنا بك، أبا روحيّا وصديقا لا يخون، يسوق الجمر والدّفء والصّدق للخيام المنثورة في أتون الكون البارد.
شكرا يا غالي
شكرا أيّها الملك الأبيض
وحارس حدود لبنان من نزق لبنان..
أيّها الكاهن البديل، الذي يتربّع على عرش استراليا منذ عرفناه..
يا صاحب سور القيروان الشّرقي..
محبّتي الجبّارة
كمال العيادي ـ دروب
**
العزيز شربل بعيني
تجيد المقاومة بالشعر ..
وهذا هو سلاحك الوحيد ..
وهو سلاح الحقيقيين الشرفاء..
سلاح الحالمين بحدائق لا يلونها الدم.
حسن عبدالرزاق ـ العراق
**
شربل بعيني أحب الشعر باخلاص فأحبه الشعراء باخلاص . شاعرغنى وجدانه كلمة فأرقص الأرواح وأبكى الملوك . كتب باللغتين العربية الفصحى والانكليزية فأغنى رصيدهما بذهب الكلام . كتب أيضا بالعربية العامية فعشقته حكايات ما قبل النوم، وكاغاه جمال هدوء المهد.
شربل بعيني باختصار شاعر الشعراء . فيه وله ومنه أقول:
ياشعر خلي بالشعر عيني
تنقل من جنينه على جنينه
شربل قطف عنقود وجدانو
من كرم الله والعنب زيني
وصارالحلم يدلف ع حيطانو
حكايات رجح مجدها العينه
ووقف بوج الموت انسانو
تاصار شعرو عالعمر دينه
شربك بعيني الشعر خيطانو
وما انفك الا بشربل بعيني
كثر هم الذي كتبوا عن الشاعر بعيني ولكن صديقه الحميم المهندس رفيق غنوم كان الأقدر على قراءة مابين سطور مراسالاته ولقاءاته فكان كتابه " أجمل ما قيل بأدب شربل بعيني " خبز الحقيقة وزبدة الكلام . منه اقتطف ما حصل مع الشاعر الزجلي حنا/جان رعد فاستمتعوا واطربوا وقولوا معي: لا زال الشعر بألف خير.
د. إياد قحوش ـ مرمريتا ـ سوريا
**
عرفت شربل بعيني عن طريق ادبياته التي لا تعد ولا تحصى ..
تصادقنا عن طريق الأدب والمعرفة. وتزاملنا عن طريق الصحافة.. إذ عندما رأيت الحداد يحدي فارسنا، مددت رجلي ليحديني الحداد، وأصبحت اجري ببطء في الميدان، كذاك الفأر الذي رأى الحداد يحدي الحصان، فغار منه، ومد رجله ليحدوه الحداد..
أجل.. لقد تأخيت معه من خلال إنسانيته الفريدة، وصادقته من وراء كتاباته الأدبية ، وزاملته من خلال موقعه الأدبي "ليلى" ولم ير أحدنا الآخر، ولكن نمت بيننا مودة لا مثيل لها .. ووجدت فيه روح الإنسان العربي الذي لا يزال يعيش بجسده في الغربة ، ولكن قلبه، وأحاسيسه ووجدانه في لبنان خاصة ، والعالم العربي عامة ..
أهداني دواوينه الشعرية، فأصبحت صديقي في جميع الأوقات، وسلوتي في أوقات الفراغ.
اتمنى من كل بلد عربي أن ينعم على الأستاذ شربل بعيني بأعلى الأوسمة لمجهوده الإعلامي والثقافي والصحافي ، فهو رئيس تحرير اكبر المواقع العربية، في الصحافة الألكترونية ، "مجلة ليلى"، وأتمنى من حكومتنا في الآردن أن تكون السباقة بذلك.
د. عبدالله عقروق ـ فلوريدا
**
صحيح أن كتاب "مراهقة" للشاعر شربل بعيني لاقى انتقاداً شديداً من ناحية، ولكنه من ناحية أخرى لاقى تأييداً عارِماً. أمّا النّقد فقد جاء من الكتّاب الّذين خافوا على الأخلاق الإجتماعيَّة، واعتبروه مهدِّداً لها، ولكن غاب عنهم أن الشاعر، يومَ كتب الكتاب، كان في سنّ المراهقة. وقد عبّر فيه عن شعوره وشعور كلّ مراهق ومراهقة، ليس في ذلك الوقت فقط، بل فـي كلّ الأوقات أيضاً.
وهـل عيب أن يعبّـر شخص ما، تعبيـراً صادقاً، عمّا يجول في فكره؟!..
فإذا نظرنا إلى هذا الأمر من النّاحية النّفسيّةِ نجد أنّ كل شيء جميل في أوانه، وأنّ المراهق يحلم ويتخيّل، وفي حلمه وخياله تعبير طبيعيّ عن حالته النّفسيّة.
وعند قراءة قصيدة "جسمي شِعِل" نجد أن الشاعر فنّان كتبها باسلوب رائع جميل، وعبَّر عن أفكاره بجرأة، وقد حطّم التقاليد القديمة البالية التي تتجلّى بالتّكتُّمِ والتّستّر، اللذين لا يؤديان إلاّ إلى العقد النّفسيّة والأمراض الكثيرة، الّتي تودي بصاحبها إلى الهلاك النّفسيّ والتدمير الجسدي. لهذا نستطيع القول إن هذه القصيدة ما هي إلا تعبير عن شعور حقيقي صادق بعيد عن الكذب والتستّر والهرب. إنه مواجهة المجتمع بالحقيقة، إنه الشجاعة بذاتها، ومن ذا الّذي يقف بوجه الشّجاعة والجرأة ويتصدّى لهما؟..
عصرنا هذا يتطلّب الجرأة والقوّة والشّجاعة كي يعطي أبطالاً بدل أن يعطي جبناء متخاذلين. كما أنّ مؤيّدي كتاب مراهقة اعتبروا أن هذا النّوع إذا ما قورن بما سبقه أو لحقه من شعر، فإنّه شعر أرستقراطيّ متحرّر من القيود، غيرعابىء بالتّقاليد خاصّة في عصر متطوّر، أصبحت نفوس سكّانه تطلب التجديد، وتنبذ كل ما هو بالٍ، وكلّ ما يعتبر "موضة قديمة". وأهمّ ما في الأمر أن هذا الشعر يحتوي على كلمات جميلة وتخيّلات واسعة تعبّر عن الفنّ باسلوب فنّيّ جميل، ليس من الضرورة أن يوضع موضع التّنفيذ، بل إنّه الفنّ من أجل الفنّ.
أنطوانيت عوّاد ـ جامعة مكارثر ـ سيدني
**
نتلمّس من أشعار شربل بعيني، العاميّة والفصحى، ابتعاداً عن الأوزان الشّعريّة أو التّفعيلات. لأنّه يؤمن بحريّة المبدأ والقول وطرق كتابة الشّعر، فلـم يتبع طريقاً واحداً، بل تنوّعت كتاباته فأصبحت تناسب أهواء كلّ النّاس، فالّذي يستهويه الشّعر الفصيح فإنّه يجد مطلبه في بعض كتب شربل بعيني المفعمة بحب الوطن واللـه والجمال. أمّا الّذي يحبّ الشّعر العاميّ فإنّه يهبط على سهلٍ واسعٍ مليءٍ بثمار الشّعر العاميّ القادم من الجبـل والقرى اللبنانيّة الأصيلة.
ميرنا الشعّار ـ جامعة مكارثر ـ سيدني
**
شعر شربل بعيني شعرٌ تصويريٌّ، صادق وجميل، فعندما يكتب يضع جزءاً من نفسه بين الأحرف.. وعندما يتذكّر لبنان يكتب بإخلاص نادرٍ، فهو لـم ينسَ للحظة واحدة انتماءَه له، كما لـم ينكر فضلَ ذلك الوطن الجميل عليه. كان يتكلّم وكأنّه هو لبنان، فيجعل من لبنان إنساناً يشعر بالألـم والعطش والجوع والتّعب والفرح، ويتساءل دائماً: كيف بإمكان المسؤولين عن الحروب، أن ينظروا إلى لبنان، وطن السّلام والمحبّة، وهو يتألّـم، دون أن يساهموا بإنقاذه وإعادة الطّمأنينة إلى ربوعه؟
نهى السيّد ـ جامعة مكارثر ـ سيدني
**
من حسن حظّنا، أن في أستراليا عدداً لا يستهان به من الأدباء والشعراء والمثقّفين الذين صدرت لهم كتب ودواوين شعريّة كثيرة، ومن هؤلاء المشاهير الشّاعر شربل بعيني، الذي يعتبر بحقّ شاعرالغربة الطويلة. وقد أغنى المكتبة العربيّة بدواوين ومسرحيّات جمّة، تحفظ له الذّكر الحسن، والإسم المميّز مدى العمر.
رولا موسى ـ جامعة مكارثر ـ سيدني
**
ولد الشّاعر شربل بعيني عام 1951، في قرية مجدليّا الواقعة بالقرب من طرابلس الفيحاء، عاصمة شمال لبنان. وهي قرية ذات طبيعة خلاّبة وجمال أخّاذ.
تأثّرت نشأة الشّاعر بأجواء تلك القرية الوادعة، وبعادات أهاليها الذين يحبّون الفرح والحفلات وحلقات الدّبكة، فتولّدت في داخله روح الشّاعر.
غادر لبنان إلى أستراليا عام 1971، وهو في العشرين من عمره، فدخل عالماً مجهولاً بعيداً نائياً، وذاق عذاب الغربـة، ولكنّـه بقيَ ابن وطنـه، فأعطى لبنان عصارة فكره، وأوصى في ديوانه "مجانين" بنقل جثمانه إلى تراب ذلك الوطن الجميل:
عارف أنا.. عم إكتب بشعري
نهايتي.. ونهايتي استشهاد
وعم إسرق الإيّام من عمري
وإيّام عمري كلّها أمجاد
ما همّني لو يطعنوا صدري
وما همّني لو صار جسمي رماد
الْـ بيهمّني.. ما ينفتح قبري
إلاّ بْبِلادي.. وينكتب فوقو
"مات تا يفدي شعب وبلاد"
وشربل شاعر مؤمن باللـه، يحبّ أخاه الإنسان، ويصبو دائماً إلى تغيير الكون وإنقاذه من الضّياع، فجعلته التّجـارب والظـروف الصّعبـة التـي مرّت عليه شاعراً حكيماً متّزناً.
ميشال شرف ـ جامعة مكارثر ـ سيدني
**
أما السر الذي ابوح به بدون مجاملات وهو مدى حبي واحترامي لشخص شربل بعيني ، والذي لم أبح به سوى عبر هذه السطور ، فهو ينبع من رجولة تمثلت بكلمات قليلة لكنها أعظم من العظيمة سكنت بقلبي حبا واحتراما لهذا الاخ الحبيب .... فعندما هوجمت غزة وحوصرت من العدو الصهيوني ، وبعد الحصار وأنا أتفقد أيميلي وإذ بي أتفاجأ برساله دافئة ملأت قلبي احتراما وتقديرا ، كانت الرسالة الوحيدة التي وصلتني من رئيس تحرير صحيفة أكتب بها ، بالرغم من أنني أنشر بأكثر من مائة صحيفة ... رسالة تحمل بطياتها اصالة وخيرأً وحباً، تطمئن علي أحوالي وأخباري في ظل الهجمة العدوانية ، وموقعة بإسم، حقيقة لم أتوقع أن يكون هو بأي حال من الأحوال، موقعة باسم شربل بعيني ... فمتى إذن نعرف الرجال ؟
الرجال ... الرجال هم من يكونون معك بقلوبهم ووجدانهم في الأزمات والحزن والضيق ... بلحظات يبرق بها المعدن الأصيل عن قيمته الحقيقية .. وليس كل ما يلمع ذهبا .....
أأدركتم أيها المتساءلون لماذا أحترم واقدر وأحب هذا الرجل ... الأخ شربل بعيني ..... ولماذا أعتبر مجلة ليلى البيت الدافئ ... ولماذا تسكن القلب ولا تبرحه .
أما شربل بعيني فهو لا يحتاج مني الكتابة عنه ، لسبب بسيط جدا إنه إبن بلاد الأرز والخير لبنان الحب ... ممن امتزجت دماؤهم حبا للأرض ... وجبل إنتماؤهم بقوميتهم العربية .... فلك السلام ... ولك الاحترام والتقدير اينما كنت ... شربل بعيني.
سامي الأخرس ـ معظم المواقع الالكترونية
**
سكري المذاق كل شعرك. ولكن قصائدك : مملكة الحكي، والغربة الطويلة و مجنون يسأل لها نكهتها وعذوبتها المميزة كتميز الشهقات الأخيرة لانبلاج الفجر، وكالهسيس الناعم الذي يسبق صرخات مخاض بهير الضوء في الهنيهات التي يبدأ فيها الحائك الأعظم حبك القبة الزرقاء بخيوط من أثير.
يا ألله ! كم هي مخيفة عتمة المجهول ؟؟ حتى في الوطن ، وحري بها أن تكون أرهب حين يتسمر المغترب حائراً مشتت البوصلة إزاء سراديب النفق المعتم ، وعلى باب كل سرداب نصب دراكولي اسمه "مُشْ مَعْرُوفْ" . ولو لم أكن متيقنا من أن كبيراً كشربل بعيني هو من حبك ذلك النسيج اللذيذ لنسبته لقلمي وتوأمته ببيت من قصيدة لي.
أتساءل باندهاش عن مدى تطابق المعاناة ! و أنوه بصدق شكواك أخي شربل حين تئن بحنجرة كل مغترب.
محمود شباط ـ الخبر، السعودية
**